وقال عبد الله بن مبارك ـ رحمه الله ـ: أتى رجل يزيد بن يزيد، وهو يصلي، وابنه في الموت، فقال: ابنك يقضي وأنت تصلي؟ فقال: إن الرجل، إذا كان له عمل يعمله، فتركه يوماً واحداً، كان ذلك خللاً في عمله.
وقال ثابت: أصيب عبد الله بن مطرف بمصيبة، فرأيته أحسن شيء شارة وأطيبه.
ولا بد أن يعلم المصاب، أن الذي ابتلاه بمصيبته، أحكم الحاكمين، وأرحم الراحمين، وأنه سبحانه، لم يرسل البلاء ليهلكه به، ولا ليعذبه، ولا ليجتاحه، وإنما افتقده به، ليمتحن صبره ورضاه عنه وإيمانه، وليسمع تضرعه وابتهاله وليراه طريحاً على بابه، لائذاً بجنابه، مكسور القلب بين يديه، رافعاً قصص الشكوى إليه.
قال الشيخ الإمام العالم العارف المكاشف عبد القادر الكيلاني ـ رحمة الله عليه ـ لابنه، يا بني، إن المصيبة ما جاءت لتهلكك، وإنما جاءت لتمتحن صبرك وإيمانك، يا بني، القدر سبع، والسبع لا يأكل الميتة.
انتهى كلامه.
والمقصود: أن المصيبة كير العبد الذي يسبك بها حاصله، فإما أن يخرج ذهباً أحمر وإما أن يخرج خبثاً كله، كما قيل:
سبكناه، وتحسبه لجيناً ... فأبدى الكير عن خبث الحديد
فإن لم ينفعه هذا الكير في الدنيا فبين يديه الكير الأعظم، فإذا علم العبد، أن إدخاله كير الدنيا ومسبكها، خير له من ذلك الكير والمسبك، وأنه لا بد من أحد الكيرين، فليعلم قدر نعمة الله عليه في الكير العاجل، فالعبد، إذا امتحنه الله بمصيبة، فصبر عند الصدمة الأولى، كما ورد «في حديث أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة عند قبر، وهي تبكي، فقال لها: اتق الله واصبري، فقالت: إليك عني، فإنك لم تصب بمصيبتي ـ ولم تعرفه ـ فقيل لها: