وهذه الشهادة ليست مجرد قول يقوله العبد، أو دعوى يدعيها فقط، بل هي متضمنة لأمور ثلاثة: طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، والانتهاء عما نهى عنه وزجر. كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ} 1.
وعندما تتأمل ما جاء به صلى الله عليه وسلم تجده مكوناً من هذه الأمور الثلاثة: أوامر ونواهي وأخبار، فمن قال: أشهد أنَّ محمداً رسول الله عليه أن يطيع الأوامر، وأن ينتهي عن النواهي، وأن يصدق الأخبار، وبهذا تكون شهادته للنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة صادقة.
فعندئذ قال صلى الله عليه وسلم:"أعتقها فإنها مؤمنة"فحكم لها بالإيمان بناءً على هذين الجوابين: الإقرار بأنَّ الله في السماء، والشهادة بأنَّ محمداً"صلى الله عليه وسلم رسول الله. ومن أقر بأنَّ الله في السماء، وشهد حقاً أنَّ محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مؤمن؛ لأنَّه مقر بربه مؤمن به، ومؤمن بهذا الرسول المرسَلِ من الله جل وعلا، ومن كان هذا حاله فسيقبل على عبادة ربه وطاعته. فجواب هذا السؤال إذا كان جواباً صحيحاً من قلب صادق دليل على الإيمان.
قال الإمام عثمان بن سعيد الدارمي ـ رحمه الله ـ: " ففي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا دليل على أنَّ الرجل إذا لم يعلم أنَّ الله عز وجل في السماء دون الأرض فليس بمؤمن، ولو كان عبداً فأُعتِق لم يُجْزِ في رقبة مؤمنة، إذ لا يعلم أن الله في السماء، ألا ترى أنَّ رسول الله جعل أمارة إيمانها معرفتها أنَّ الله في السماء " 2.
وفي هذا الحديث فوائد عظيمة: منها:"التأكيد على أهمية هذين