السؤالين، وأنهما أعظم المسائل وأجلها، بل إنَّ الناس ـ يوم القيامة ـ لا يُسألون إلا عنهما: ماذا كنتم تعبدون؟ وماذا أجبتم المرسلين؟
وفيه ـ أيضاً ـ دليل على أنَّ الإنسان يُحكم عليه بظاهره، أما الباطن فإلى الله عز وجل، فمن ذَكرَ أمور الإيمان وأقر بها حكم بإيمانه، فليس للناس إلا الظاهر، والله يتولى السرائر.
وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم:"أين الله": دليل على صحة هذا السؤال ومشروعيته، وجواز إلقائه على الناس للحاجة والفائدة والتعليم. وجواب هذا السؤال هو هذا الجواب الذي أجابت به الجارية، وأقرها عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ لو كان جوابها غير صحيح لما أقرها على ذلك كما لا يخفى.
قال الإمام الذهبي ـ رحمه الله ـ: " ففي الخبر مسألتان: إحداهما: شرعيةُ قول المسلم: أين الله. وثانيهما: قول المسؤول: في السماء. فمن أنكر هاتين المسألتين فإنما ينكر على المصطفى صلى الله عليه وسلم " 1.
والمبتدعة أهل الكلام كثيراً ما يقولون في عقائدهم: لا تجوز في حقه ـ أي الله ـ الأينية، أي: لا يُسأل عنه بـ"أين"، ولا يشار إليه بإصبع، بل قال بعضهم: إنَّ الإصبع التي ترفع إلى السماء مشيرة إلى الله يجب أن تقطع؛ لأنها إشارة باطلة.
فعندهم قولك:"أين الله؟ "، ومتى الله؟ في البطلان سواء. يقولون هذا مع ثبوت هذه الإشارة عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في أعظم جمع، وأكبر مشهد، وأوسع محفل: في حجة الوداع لما خطب الناس، وكان أمامه أمم لا يحصيهم إلا الله عز وجل، فيهم من هو حديث الإسلام، ومن هو