فهذه سبعة مواضع في القرآن ورد فيها التصريح بالاستواء، ولم يرد في أيِّ موطن من القرآن بلفظ آخر كـ"استولى على العرش"، وكأن المصنف ـ رحمه الله ـ يشير بتنصيصه على هذه المواضع السبعة إلى إبطال تأويل من تأول الاستواء على غير معناه، إذ لو كان المراد الاستيلاء عليه لجاء ولو في موضع من هذه المواضع السبعة"ثم استولى على العرش"حتى يمكن القول بحمل هذا على هذا، أمَا وقد اتفق اللفظ في هذه المواضع السبعة فلا يمكن ذلك.
وقد نبَّه أهل العلم على فائدة مهمة فيها رد على أهل الأهواء الذين يتأولون الاستواء، ألا وهي أنَّ السياق في جميع هذه المواضع السبعة في بيان عظمة الله وجلاله وكماله بذكر صفاته ونعوته سبحانه وتعالى، فهو سبحانه يثني على نفسه ويمجدها ويعظمها بذكر صفاته، ومن بين هذه الصفات التي أثنى بها على نفسه: استواؤه على العرش: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} . ومع ذلك يأتي المبتدعة إلى هذه الآيات فيقولون: الاستواء على العرش لا يليق به سبحانه، ونحن ننزهه عن ذلك، فينزهون الله عما مدح به نفسه، وأثنى عليها به. {أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ} 1 كما أنَّ الاستواء على العرش جاء في أكثر هذه المواضع معطوفاً بالحرف" ثم"ـ الذي يفيد الترتيب والمهلة ـ بعد ذكره خلق السماوات والأرض: {الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}
وهذا ـ أيضاً ـ فيه إبطال لمن يتأول الاستواء بغير معناه، كمن يقول: الاستواء على العرش هو الاستيلاء عليه، يعني مُلْكَه للعرش وغلبته