عليه، إذ لو كان استواء الله على عرشه ـ الذي هو المُلك كما يزعمون ـ للزم منه أنه لم يحصل ملك الله للعرش إلا بعد خلق السماوات والأرض!!

فحاول هؤلاء المعطلة التخلص من هذا اللازم فقالوا:"ثم"ليست على بابها، فهي في هذه المواضع لا تفيد الترتيب والمهلة.

إذاً فـ"ثم"محمولة عندهم على غير بابها، واستوى محمولة على غير بابها، والعرش"محمول على غير بابه؛ لأنه ـ بزعمهم ـ كناية عن العظمة، والرحمن"أيضاً محمول على غير بابه؛ لأنه كناية عن إرادة الإنعام. إذاً فليس في الآية شيء على بابه!! فركبوا مجازات بعضها فوق بعض وتحريفات بعضها فوق بعض، وكلُّ ذلك إمعان منهم في إنكار استواء الله تبارك وتعالى على عرشه.

ثم إنَّ استواءه تبارك وتعالى على عرشه ليس عن حاجة، بل عن غنى تام، فهو تبارك وتعالى الممسك للعرش والسماوات والأرض بقدرته، وهو الغني عن العرش وما دونه، والعرش وما دونه فقراء محتاجون إلى الله، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ} 1، وقال تبارك وتعالى: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} 2 فهو الممسك للسماوات والأرض والعرش وكل المخلوقات بقدرته تبارك وتعالى.

أما المخلوق فإذا استوى على شيء، فإنما يستوي عليه عن حاجة، كما في قوله تعالى: {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ} 3 أي الفلك والأنعام. فاستواء المخلوق على الفلك والأنعام هو عن حاجة منه إليها، بحيث لو غرقت الفلك لغرق، ولو سقطت الدابة لسقط.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015