الصفة التي يصف بها الجهمية ربهم 1.

الثاني:"أنَّ الله ـ تعالى عما يقول الظالمون ـ في كلِّ مكان، لا يخلو منه مكان، فهو في السماء وفي الأرض وفي الهواء، وفي كلِّ مكان. وترتب على هذا القول ظهور العقائد التي كثرت في أهل الباطل، مثل: الاتحاد، والحلول، ووحدة الوجود، وغير ذلك من العقائد المنحرفة الفاسدة.

فليس أمام من ينكر علو الله إلا إحدى هاتين العقيدتين، وكتب أهل الباطل والأهواء ـ الذين حادوا عن طريقة الكتاب والسنة وكثر كلامهم وضلالهم ـ مليئة بهذا الباطل بنوعيه، مشحونة بالشبه في تقريره.

فلأجل هذين السببين ـ والله تعالى أعلم ـ بدأ المصنف بذكر صفة العلو.

ولما شرع ـ رحمه الله ـ في بيان هذه الصفة، سلك مسلك غير واحد من أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين في ذكر أنواع أدلة العلو مكتفياً بذكر أمثلة من أفراد أدلتها؛ ليرشد بها إلى نوع الدليل، لأنَّه ـ كما ذكرت ـ ليس الاتجاه في مثل هذه المختصرات إلى الاستقصاء، وإنما ذكر شيء يدل"على غيره. فبدأ بالاستواء، واستواء الله سبحانه على عرشه أحد أدلة علوه تبارك وتعالى على خلقه؛ لأنَّ الاستواء في لغة العرب هو: العلو والارتفاع، فمعنى:" استوى على العرش"أي ـ بإجماع السلف ـ: علا وارتفع عليه؛ لأننا خوطبنا بلغة العرب، ومدلول هذه الكلمة في لغة العرب هو هذا، ليس لها مدلول إلا العلو والارتفاع.

فالاستواء إذاً علو وارتفاع، لكن بين صفتي العلو والاستواء بعض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015