يسميه السلف تأويلاً، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه لابن عباس: " اللهم علمه التأويل " 1. ومنه قول ابن جرير الطبري ـ رحمه الله ـ:"تأويل هذه"الآية كذا"أي: تفسيرها. وكذا قوله:"قال أهل التأويل"أي: أهل التفسير.
والتأويل الذي يُحذر ويجتنب ويذم هو: الذي يؤدي إلى التعطيل، ويفضي إلى الإنكار، وهو صرف اللفظ عن ظاهره بغير قرينة تدل عليه. والمبتدعة معطلة الصفات عندهم قرينة واحدة مبنية على التوهم الفاسد اتكأوا عليها في تأويل النصوص وصرفها عن ظواهرها، ألا وهي دفع التشبيه، فزعموا أنَّ ظواهر نصوص الأسماء والصفات في الكتاب والسنة موهمة للتشبيه، ولهذا خاضوا فيها بالتأويل تنزيهاً لله تبارك وتعالى ـ بزعمهم ـ، فنزهوا الله بتعطيل صفاته، وصرفها عن ظواهرها إلى معان ليست مرادة له تبارك وتعالى، ولا لرسوله"صلى الله عليه وسلم."
كما قال صاحب الجوهرة:
وكلُّ نص أوهم التشبيه ... أوِّلْه أو فوض ورُمْ تنزيهاً
فقوله:"أوِّله"مبني على توهم التشبيه، فهؤلاء الذين تأولوا النصوص عن ظواهرها وصرفوها عن مرادها سبب ذلك فيهم أنهم تلوثوا بالتشبيه أولاً، فأرادوا أن ينزهوا الله عن هذا الذي وقع في نفوسهم، فأولوا النص وصرفوه