عن مراده، فعطَّلوا بذلك الرب تبارك وتعالى عن صفة كماله. وكما قيل: البدع يولد بعضها بعضاً. فكلُّ تأويلات المبتدعة لنصوص الصفات مبنية على هذا التوهم
. وفي مثل هذا يقول أبو حيان التوحيدي: " أناس مضوا تحت التوهم، وظنوا أنَّ الحق معهم، ولكنَّ الحق وراءهم " فهم سائرون تحت التوهم، يتوهمون شيئاً فيبنون عليه أشياء، يظنون أنَّ الحق معهم، ولكنَّ الحق وراءهم. قال الذهبي ـ معلقاً على هذه الكلمة ـ: " قلت: أنت حامل لوائهم " 1؛ لأنَّه متكلم وفيلسوف.
فهؤلاء ماضون تحت توهم التشبيه، يظنون في النص أنَّه موهم للتشبيه. ولهذا قال قائلهم: وكلُّ نص أوهم التشبيه. والنص لا يوهم التشبيه إلا عند المريض الذي فيه لوثة. يقولون: لا نعقل من هذه النصوص إلا ما نراه في الشاهد. أي ما ثمة إلا المشابهة، ثم إنهم أرادوا الفرار من التشبيه الذي تلوثوا به فصاروا إلى التأويل والتعطيل، ظلمات بعضها فوق بعض.
أما صاحب السنة فلا يتوهم في كلام الله تشبيهاً، وحاشاه سبحانه"أن يوهم كلامه أو كلام رسوله صلى الله عليه وسلم تشبيهاً. ولهذا لما سمع الصحابة رضوان الله عليهم آيات الصفات وأحاديثها لم يدر في خواطرهم الصفات التي يرونها في المخلوقين، بل عرفوا أنَّ هذا وصف يليق بالرب العظيم وجلاله وكماله.
وقول المصنف:"يؤدي إلى التعطيل"هذا فيه إشارة إلى المحذور الرابع الذي يجب على المسلم اجتنابه عند إثباته لله الصفات، وهو التعطيل.