وأوضح المحجة: المحجة: هي الطريق السوية المستقيمة، فالنبي صلى الله عليه وسلم أوضح المحجة، كما قال الله تبارك وتعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ} 1.
وأكمل الدين"أي أن الله عز وجل أكمل به الدين، فلم يبق منه شيء إلا بينه صلى الله عليه وسلم، ولم يمتةصلى الله عليه وسلم حتى أنزل الله عز وجل في ذلك ـ تنصيصاً وتبييناً ـ قوله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلامَ دِيناً} 2.
وقمع الكافرين"القمع: هو الضرب على الرأس والدفع، فقمعهم أي دفعهم ورد باطلهم، وأزهق شبهاتهم.
ولم يدع لملحد مجالاً، ولا لقائل مقالاً"من تمام بيانه أنَّه لا مجال فيه لملحد، ولا لقائل أو متكلم.
وهذا فيه أن الكتاب والسنة فيهما الوفاء والغنية والكفاية، وهذا كلُّه ـ كما أشرت ـ تأكيد على أهمية الاطمئنان والوثوق بالمعتقد الذي يؤخذ من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأنَّه ينبغي على طالب العلم أن يقبل على الكتاب والسنة تمام الإقبال، وأن يتلقى دينه عنهما، ويأخذه منهما، ويعتصم بحبل الله، قال تعالى: {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} 3.
فروى طارق بن شهاب قال: " جاء يهودي إلى عمر بن الخطاب"رضي الله عنه "فقال: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرءونها، لو علينا معشر يهود نزلت، نعلم اليوم الذي نزلت فيه لاتخذنا ذلك اليوم عيداً. قال: أي آية؟ قال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلامَ