دِيناً} . فقال: إني لأعلم اليوم الذي نزلت والمكان، نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بعرفة عشية جمعة "".

بعد أن ذكر المصنف ـ رحمه الله ـ مصدر الاستدلال والتلقي عند أهل السنة والجماعة، وبين أنهم يعتمدون في دينهم وإيمانهم بربهم وأسمائه وصفاته على ما نطق به الكتاب وصحت به سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وأشار إلى أن الله أكمل بنبيه صلى الله عليه وسلم دينه، وأتم به نعمته، وأقام به حجته، وقمع به الكافرين، وأنه لم يدع لقائل مقالاً ولا لمتكلم مجالاً، لما ذكر ذلك أورد دليلاً على ذلك، وهو قول الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلامَ دِيناً} وقد نزلت في حجة الوداع، ولم ينزل بعدها حلال ولا حرام

فالآية دالة على أن دين الله عز وجل الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم كامل، وأنه صلى الله عليه وسلم بينه غاية البيان، وأوضحه غاية الإيضاح، فلم يبق شيء من الدين لم يبين، لا في الأصول ولا في الفروع، فلا مجال لإنشاء العقائد من خلال أفكار الناس وآرائهم، ولا لإحداث العبادات وأنواع التقربات إلى الله عز وجل من خلال مواجيد الناس وأذواقهم.

وقول الله تعالى:"دينكم" شامل للأصول والفروع، الدين كله أُكْمل وبُين في الأصول والفروع: بُين فيه ما يتعلق بالاعتقاد والإيمان، وما يتعلق بالأعمال والتقربات إلى الله عز وجل، وما يتعلق بالآداب والأخلاق، كلها بينت بالكتاب والسنة غاية البيان. فإن جئت إلى العقائد التي جاءت في الكتاب والسنة فهي أصح العقائد وأقومها وأسلمها، وإن جئت إلى العبادات التي بينت في الكتاب والسنة فهي أكمل العبادات وأتمها، وإن جئت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015