كما هو حال الخوارج والمعتزلة. وإذا أخذ أحاديث الوعد وأهمل أحاديث الوعيد يشتط وينحرف كما هو حال المرجئة.

فالخوارج والمعتزلة يتكئون على مثل حديث أبي هريرة هذا:""لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن " 1، والمرجئة يتكئون على مثل حديث أبي ذر:""ما من عبد قال: لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة. قال أبو ذر: وإن زنى وإن سرق؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: وإن زنى وإن سرق " 2، والطريقة السليمة القويمة أن يجمع بين أحاديث الوعد وأحاديث الوعيد وعلى ضوء ذلك يخرج الإنسان بالحكم.

فكيف نجمع بين حديث أبي هريرة النافي للإيمان عن الزاني والسارق، وحديث أبي ذر الذي أثبت لهما الإيمان؟

إذا تأملنا نصوص الشريعة في هذا الباب نجد أنَّ النفي في حديث أبي هريرة ليس هو نفياً لأصل الإيمان، وإنما المنفي كماله الواجب، الذي إذا نفي بقيت دونه رتبة الإسلام. فمعنى الحديث: لا يزني الزاني حين يزني وهو كامل الإيمان الكمال الواجب، فقد انتقص إيمانه الواجب بقدر كبيرته. وهذا الأسلوب في النفي يرد في لغة العرب كثيراً، فتقول العرب: " لا رجل إلا زيد " ومرادهم كمال الرجولة. وقال النبي صلى الله عليه وسلم:""اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة فأكرم الأنصار والمهاجرة " 3، ومراده صلى الله عليه وسلم نفي الكمال، فإنَّ الدنيا فيها عيش، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:""وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي " 4.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015