بلغته، لسمعهم جميعاً دون أن يختلط عليه صوت بصوت، أو لغة بلغة، أو حاجة بحاجة. وفي الحديث القدسي يقول الله عز وجل: " يا عبادي لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم، قاموا في صعيد واحد فسألوني، فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أُدخل البحر " 1 فيسمع سبحانه الجميع، مع أن لغاتهم مختلفة، وحاجاتهم متباينة، وأصواتهم متغايرة. بينما الإنسان لو تكلم عنده اثنان، وبلغة واحدة، لاختلط عليه كلامهما، ولاحتاج أن يُسكِت أحدهما ليسمع كلام الآخر، كما قال"تعالى: {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} 2.
بصير" أي متصف بالبصر، يرى سبحانه كل شيء من فوق سبع سماوات، يرى دبيب النملة السوداء، على الصخرة الصماء، في الليلة الظلماء. لو كان ليل دامس، ونملة سوداء، على صخرة صماء، ودنوت منها واقتربت وحلَّقت بعينيك فإنك لا تراها، لكنَّ الله عز وجل يراها من فوق سبع سماوات، بل يرى جريان الدم في عروقها، ويرى سبحانه كلَّ جزء من أجزائها. فهو سميع بصير، يسمع كلَّ الأصوات، ويرى جميع المرئيات. ولإيمان المسلم بهذه الصفة وغيرها من صفات الله تعالى أثر على سلوكه وعمله. رأى أحد السلف رجلاً وامرأة في ريبة، فاكتفى بقوله لهما: إنَّ الله يراكما، سترنا الله وإياكم. ذكَّرهما بهذه العقيدة التي تؤثر عليهما غاية التأثير في استقامة العمل إن كان لهما قلب. فهذه أمثلة للصفات الثبوتية: الأحد الفرد الصمد الحي القيوم السميع البصير، وهي مرشدة إلى غيرها، ودالة على ما سواها.