ثم بدأ بذكر ما يتعلق بصفات النفي، فقال:"لا شريك له ولا وزير، ولا شبيه له ولا نظير، ولا عَِدل ولا مثل": وهذه كلها صفات منفية، ينزه الله تبارك وتعالى عنها، فكما أن المسلم مطالب بإثبات ما أثبته الله تعالى لنفسه، فهو كذلك مطالب بأن ينزه الله تعالى عما نزه عنه نفسه. فقد نزَّه الله عز وجل نفسه عن هذه الأمور كلها: الشريك والوزير والشبيه والنظير والعدل والمثل. والشريك: هو المساوي، والشرك هو التسوية، وسُمِّي الشرك شركاً لأن فيه تسوية لغير الله به. قال تعالى عن أهل النار: {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} 1. هذا هو الشرك: أي جعلوا غير الله مساوياً له، سواء في ربوبيته، أو ألوهيته، أو أسمائه وصفاته. ولهذا فإن الشرك أنواع ثلاثة: شرك في الربوبية، وشرك في الألوهية، وشرك في الأسماء والصفات. كما أن التوحيد ثلاثة أقسام، فالشرك ثلاثة أقسام، كل نوع من أنواع التوحيد يقابله نوع من أنواع الشرك.
ولا وزير"الوزير: هو المعين والمساعد، وفي دعوة موسى عليه السلام: {وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي} 2 أي معيناً ومساعداً، يعاونني ويساعدني في أمري. فالله عز وجل منزه عن الوزير، فليس له سبحانه معين ولا مساعد. قال الله عز وجل: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ} 3، ظهير: أي معين ووزير ومساعد.
ولا شبيه"وفي أكثر النسخ:"ولا شبه"وهما بمعنى واحد.
والشبه أو الشبيه: هو المماثل والنظير. فالله عز وجل لا شبيه له في شيء من خصائصه وصفاته.