وعندما يقع للناس اشتباه فيه، فإنَّه ليس عائداً إلى الإيمان نفسه ولا إلى براهينه الصحيحة، وإنما هو عائد إلى ما يحدثه الناس من آراء واصطلاحات أو نحو ذلك؛ ولهذا فإنَّ كثيراً من الخلافات التي تنشب سببها الاصطلاحات الحادثة، والآراء التي تستجد، فيكون الناس فيها بين أخذ وعطاء وقبول ورد، وينشأ بينهم بسببها شقاق وخلاف.
ولهذا فإنَّ حل النزاع ورفع الاشتباه في هذا وغيره إنما يكون بالرجوع إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، كما قال جل وعلا: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} 1، ولهذا فإنَّ من جميل صنيع شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ لما بيَّن الإيمان في كتابه الفريد الفذ " الإيمان "، وتكلم عما نشأ فيه من خلاف وأقاويل بدأه أول ما بدأ بالإشارة إلى أنَّ النزاع الذي حدث ويحدث بين الناس سببه الاصطلاحات الحادثة، فيتخاصم الناس فيها ويختلفون عليها، والطريقة الصحيحة السليمة في جمع القلوب ومعرفة الحق إنما تكون بالعودة إلى الكتاب والسنة، فقال:""ونحن نذكر ما يستفاد من كلام النبي صلى الله عليه وسلم مع كلام الله تعالى فيصل المؤمن إلى ذلك من نفس كلام الله ورسوله، فإنَّ هذا هو المقصود، فلا نذكر اختلاف الناس ابتداءً، بل نذكر من ذلك في ضمن بيان ما يستفاد من كلام الله ورسوله ما يبين أنَّ رد موارد النزاع إلى الله وإلى الرسول خير وأحسن تأويلاً، وأحسن عاقبة في الدنيا والآخرة " 2 ثم أخذ يأتي بالآيات والأحاديث التي فيها تعريف الإيمان، وهذه هي طريقة السلف في الإيمان وغيره، ولو سُلكت واتبعها الناس لما وُجِد خلاف.
وحقيقةً من يراقب حال الناس يرى عند بعضهم اهتماماً بالغاً باصطلاحات