" والإيمان بأنَّ الإيمان قول وعمل ونية، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، قال الله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً} ، وقال عز وجل: {لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ} ، وقال عز وجل: {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً} "
ذكر المصنف ـ رحمه الله ـ هنا خلاصة مفيدة وإيجازاً نافعاً يتعلق بقول أهل السنة والجماعة في تعريف الإيمان وأمور متعلقة به.
والإيمان هو أجل المقاصد وأعظم المطالب وأنبل الغايات، وحاجة الناس إليه وضرورتهم إلى العلم به وتطبيقه أعظم الضرورات، بل ليس للناس حاجة في هذه الحياة مثل حاجتهم إلى الإيمان بالله وبما أمر الله تبارك وتعالى عباده بالإيمان به؛ فإنَّ حياة الناس الحقيقية في الدنيا والآخرة إنما تكون بذلك، قال الله تعالى: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ} 1 فالحياة الحقيقية لا تكون ولا تتحقق إلا بالإيمان.
ومن حكمة الله سبحانه وعظيم فضله أنَّ الأمر كلَّما كانت حاجة العباد إليه أعظم، وضرورتهم إليه ألزم كانت سبل نيله وطرائق تحصيله أوضح وأبين وأيسر من غيره. وتأمل هذا في حاجات الناس، فحاجتهم إلى الهواء أعظم من حاجتهم إلى الماء، ولهذا فإنَّ تحصيل الهواء أيسر من تحصيل الماء. وحاجة الناس إلى الماء أعظم من حاجتهم إلى الطعام، ولهذا فإنَّ تحصيل الماء أيسر من تحصيل الطعام. وحاجة الناس إلى الإيمان أعظم من ذلك كلِّه، ولهذا فإنَّ براهين الإيمان ودلائله وحججه أوضح ما يكون لمن منَّ الله عز وجل عليه بالهداية وشرح صدره للخير، والشواهد عليه أكثر من أن تعد أو تحصى.