يمر كالبرق، ومنهم كأجاويد الخيل، ومنهم كركاب الإبل، ومنهم من يجري جرياً، ومنهم من يمشي مشياً.

وإيمان العبد بأنَّه سيكلمه ربه ليس بينه وبينه واسطة، وأنَّه سينظر عن يمينه وعن شماله فلا يجد إلا ما قدم، هذه عقيدة ينبني عليها جد وعمل، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: " فمن استطاع منكم أن يقي وجهه النار ولو بشق تمرة فليفعل " وهذا ربط للعمل بالاعتقاد، وكما أنَّ ذلك في النصوص فإنه ينبغي أن يكون كذلك في العمل، فكلُّ عقيدة تؤمن بها ينبغي أن تورث فيك عملاً وعبادة وطاعة وإقبالاً، فلا تتهاون في العمل الذي تتقرب به إلى الله تعالى ولو كان قليلاً، فيسير العمل ينفع، وموازين الأعمال يوم القيامة موازين الذر، كما قال تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} 1. ولأهل العلم كلمات لطيفة في توضيح الذرة ما هي، فقال بعضهم: إذا ضربت يدك في الأرض تساقطت الأحجار الصلبة من يدك ويبقى فيها رذاذ هذا هو الذر. وقال بعضهم: هي التي تراها مع شعاع الشمس عندما تدخل مع النافذة. ويُذكر عن عائشة رضي الله عنها أنها تصدقت مرة بعنبة واحدة، فقالت لها امرأة: يا أم المؤمنين عنبة؟! قالت: أو تعلمين كم فيها من ذرة. وهذا لا أدري عن ثبوته عنها لكن معناه جميل للغاية، والدليل على جمال معناه قول النبي صلى الله عليه وسلم: " اتقوا النار ولو بشق تمرة ". وقوله صلى الله عليه وسلم:"بينما رجل يمشي بطريق، وجد غصن شوك على الطريق، فأخرَّه، فشكر الله له فغفر الله له" 2.

فإماطة الأذى عن الطريق والتصدق بشق تمرة ناشئ عن شيء في القلب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015