" وروى عدي بن حاتم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله يوم القيامة، ليس بينه وبينه ترجمان، ثم ينظر أيمن منه فلا ينظر إلا شيئاً قدمه، ثم ينظر أشأم منه فلا يرى إلا شيئاً قدمه، ثم ينظر تلقاء وجهه فتستقبله النار، فمن استطاع منكم أن يقي وجهه النار ولو بشق تمرة فليفعل""

" ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله يوم القيامة ليس بينه وبينه ترجمان " أي: كلاماً من الله، يسمعه المكلَّم مباشرة بدون واسطة. والمراد: الكلام الواقع في عرصات يوم القيامة لتقرير الإنسان ومحاسبته على أعماله في الحياة الدنيا.

" ثم ينظر " أي: الإنسان.

" أيمن منه فلا ينظر إلا شيئاً قدمه، ثم ينظر أشأم منه فلا يرى إلا شيئاً قدمه " أي: لا يجد إلا أعماله التي قدمها في الحياة الدنيا، ولعل الذي على اليمين أعماله الصالحة، والذي على اليسار أعماله غير الصالحة.

وفي الحديث فائدة، وهي أنَّ كلَّ عمل يقوم به الإنسان في هذه الحياة هو شيء يقدمه للآخرة، قال تعالى: {وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ} 1، وقد يكون الإنسان نسي بعضها ولكن: {أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ} 2. وإذا نظرنا في أحوالنا فيما نقدم نجد أننا فرطنا كثيراً وضيعنا كثيراً نسأل الله العافية والتوفيق للخير وحسن الختام.

" ثم ينظر تلقاء وجهه فتستقبله النار " وفي هذا أنَّ النار أمام الناس كلِّهم، ولا سبيل إلى الجنة إلا بالمرور من فوقها، وعلى النار صراط أحدُّ من السيف وأدق من الشعرة، وكلاليب تخطف الناس بأعمالهم كما قال تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً} 3. ثم يتفاوت الناس في مرورهم على الصراط بحسب أعمالهم التي قدموها في هذه الحياة، فمنهم من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015