وتعالى بأبصارهم، أما أهل البدع ففي حرمان ـ نسأل الله السلامة والعافية ـ لما يقرءون مثل هذه الآيات ينشغلون بصرفها عن ظاهرها لأوهام فاسدة قامت في نفوسهم.

وقد حاول بعض أهل الأهواء صرف هذه الآية عن معناها، فقالوا: ليس المراد أنها تنظر إليه، فرؤية الله غير ممكنة ـ عندهم ـ، بل النظر في الآية من الانتظار أي: منتظرة لثواب الله ونعيمه، فأفسدوا معنى الآية، وجعلوها مثل قوله تبارك وتعالى: {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} 1، وقوله تعالى: {وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} 2،مع أن قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} دال على أنهم قد نالوا اللذة والنعيم، إلا أنَّ هؤلاء المبتدعة جعلوهم في انتظار للنعيم لا أنهم قد نالوه، فزادوا على ذلك إضعاف قدر النعيم الذي يناله أهل النعيم في الجنة.

وأهل العلم يقولون: إنَّ للنظر أحوالاً من حيث التعدي واللزوم، ويختلف معناه بحسب ذلك:

ـ فإذا تعدى بنفسه بدون حرف فهو بمعنى الانتظار، كقول الله تبارك وتعالى: {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} أي: انتظرونا، وقوله: {فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} أي: منتظرة بأيِّ شيء يرجع المرسلون

ـ وإذا تعدى بحرف " في " فهو بمعنى التفكر والاعتبار، كقول الله تبارك وتعالى: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} 3 أي: يتفكروا ويعتبروا في هذه المخلوقات العظيمة العجيبة.

ـ وإذا تعدى بحرف " إلى " كما في الآية: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015