نَاظِرَةٌ} فلا يكون إلا الرؤية بالباصرة.كيف وقد انضم إلى ذلك إسناد النظر إلى الوجه الذي فيه البصر فقال: " وجوه يومئذ ناضرة ". فهذا كله محقق للرؤية ومؤكد لمعناها، ومع ذلك فإنَّ أهل الأهواء يأبون إلا رد ذلك.

ثم إن في القرآن الكريم آيات عديدة تدل على أنَّ الله عز وجل يُرى يوم القيامة ويراه المؤمنون بأبصارهم، منها: قول الله تعالى عن الكفار: {كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} 1، فإذا حُجِب الكفار تعذيباً لهم ونكالاً بهم، عُلم من ذلك أنَّ المؤمنين يرونه سبحانه؛ لأنَّه إذا قيل: إنَّ المؤمنين لا يرون ربهم فهذا يعني أنهم والكفار سواء. فيسوون بين من قال الله عز وجل فيهم: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} ومن قال فيهم: {كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} . قال الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ:"فلما حجبهم في السخط كان في هذا دليل على أنهم يرونه في الرضا"2. فحقيق بمن ينكر رؤية الله يوم القيامة ألا ينالها؛ فإنه لا يعتقدها ولا يؤمن بها، ولا سأل الله يوماً أن ينعم عليه بها. إنما الحقيق بالرؤية من آمن بها وعمل بأسباب نيلها، وسأل ربه أن يعطيه إياها.

" وروى جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: كنا جلوساً ليلة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة أربع عشرة فقال:" إنكم سترون ربكم عز وجل كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا. ثم قرأ: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} "وفي رواية: سترون ربكم عياناً "

هذا حديث من الأحاديث الدالة على أنَّ المؤمنين سيرون ربهم تبارك وتعالى يوم القيامة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015