َرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا} 1، فبين سبحانه أنَّ احتجاج هؤلاء المشركين بالمشيئة والقدر باطل، إذ لو كان كذلك لما أذاقهم بأسه. وهكذا كل من يحتج بالقدر على ذنوبه ومعاصيه احتجاجه باطل.
وأضرب هنا مثالاً ذكره أهل العلم: لو أن شخصاً قتل آخر خطأً، فلاموه في ذلك فقال: هذا قضاء وقدر. قبل منه. لكن لو أن آخر أمسك بسلاحه واتجه إلى شخص وقتله متعمداً، ولاموه في ذلك فقال: قضاء وقدر لا يقبل منه. وكله قتل، لكن هذا عمد وذاك خطأ.
الشاهد من الحديث: قوله: " خلقك الله بيده "، وهذا فيه إثبات اليد لله عز وجل، وأن الله باشر خلق آدم بيده تشريفاً وتكريماً، وكذلك قوله: " وخط لك التوراة بيده ".
ثم لما ذكر ـ رحمه الله ـ منهج أهل السنة في هذه الصفة ـ وهو الإثبات ـ، وذكر شيئاً من أدلتهم عليها حذر من الأباطيل التي وقع فيها أهل الضلال مثل التشبيه والتكييف والتأويل والتعطيل، فقال:
" فلا نقول: يد كيد، ولا نكيف، ولا نشبه، ولا نتأول اليدين على القدرتين كما يقول أهل التعطيل والتأويل، بل نؤمن بذلك ونثبت له الصفة، من غير تحديد ولا تشبيه "
فهذه هي المحاذير التي يجب على كلِّ من أثبت صفات الله تبارك وتعالى إجمالاً وتفصيلاً أن يحترز منها. وقد سبق للمصنف أن أشار إليها، لكن لما كان الوقوع فيها خطيراً، وضررها على من وقع فيها كبيراً ناسب أن يؤكد عليها.
" فلا نقول يد كيد " لأنَّ هذا القول تشبيه، والتشبيه كفر، والمشبه كافر،