رحمة الله ـ، وهكذا من يقول في الله وعلى الله بغير علم، وينتقص الرب وعظمته أو يتهكم بشيء من صفاته.
والجهمية الذين لا يثبتون لله عز وجل يداً ـ إمعاناً منهم في الضلال ـ ادَّعوا أنَّ الرد هنا على اليهود لإثباتهم اليد لله، ويريدون أن يتوصلوا بذلك إلى نفي اليد عن الله عز وجل، وأنه جل وعلا لا يوصف بها.
وكيف يستقيم استدلالهم، ولم ينكر الله عز وجل على اليهود إثبات اليد، بل أكد ثبوتها له سبحانه وتعالى، وذكر أن له يدين؟!
أيمكن أن يرد على من يصف الله بصفة ليست ثابتة له بتأكيدها؟! ، فقال سبحانه: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} فأثبت جل وعلا لنفسه اليدين، ووصفهما بأنهما مبسوطتان خلافاً لما يدعيه هؤلاء.
ومن دلالات هذه الآية أن لله عز وجل يدين كما أخبر، فالمقام هنا مقام إثبات وثناء وتمجيد وتعظيم وتنزيه لله عز وجل عن افتراء اليهود.
وفي الآية وصف اليدين بالبسط، والبسط هو كثرة الإنفاق والعطاء والجود، ولهذا جاء في الحديث الصحيح:"إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها" 1، وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر:"إن يمين الله ملأى، لا يغيضها نفقة، سحاء الليل والنهار، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض، فإنَّه لم ينقص ما في يمينه، وعرشه على الماء، وبيده الأخرى القبض يرفع ويخفض" 2.