أو يشيروا إليه بجوارحهم ـ أن الصفات المضافة إلى الله عز وجل مثل الصفات المضافة إلى المخلوقين، فأهل السنة في سلامة تامة وبعد كامل عن التشبيه والتعطيل، أما من يشبه فإنَّه سيعطل ولابد، ومن يعطل فإنَّه سيشبه ولابد، ولا سلامة من الأمرين إلا بإثبات الصفات لله جل وعلا على الوجه الذي يليق بجلاله وعظمته وكماله.

لما قرر المصنف ثبوت هذه الصفة ذكر بعض الأدلة من القرآن والسنة على إثباتها، فقال:

" قال الله عز وجل: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} "

وهذا جزء من آية في سياق الرد على إفك اليهود وافترائهم على الله سبحانه وتعالى، إذ زعموا أن يد الله مغلولة ـ غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا ـ ومرادهم بذلك: أنَّ الله بخيل ـ تعالى الله عز وجل عما يقول هؤلاء الظالمون المعتدون علواً كبيراً ـ، قال تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا} فاليهود يثبتون لله يداً، ولكنهم يصفونها بأنها مغلولة ـ مع أنهم أبخل الناس، فلا يعرف بالبخل مثلهم ـ، فجعلوا الوصف الذي لا ينفك عنهم في كلِّ وقت وصفاً للرب العظيم الذي يمينه ملأى لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار. وهذا من جملة مخازٍ وقبائح وشنائع كثيرة ذكرها الله عن هذه الأمة الغضبية الملعونة، وبيَّن بها حالهم وشدة قبحهم، وعظم افترائهم عليه.

فرد الله عليهم بقوله: {غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا} فموجب اللعن الذي حلَّ عليهم ونزل بهم: قولهم في الله عز وجل هذا القول العظيم.

وفي هذا فائدة، وهي أنَّ الافتراء على الله والقول عليه في أسمائه وصفاته، وانتقاص عظمته سبحانه يوجب اللعن ـ الذي هو الطرد والإبعاد من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015