ولهذا يستغرب بعض الناس عندما يسمع خبر مالك ـ رحمه الله ـ لما جاءه المبتدع وسأله عن الاستواء، كيف استوى؟ وأنه غضب وعلاه الرحضاء، أي: صار يتصبب عرقاً من شدة الغضب والتأثر.
" ثم قال: قف بنا على هذا المتخوض " في بعض النسخ " المتخرص " وكلاهما منطبق عليه.
" فلما حاذاه " أي: صار محاذياً له قريباً منه.
" قال: يا هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم أغير على ربه عز وجل منك " وهذه الكلمة يُرد بها على كلِّ متخرص، وكلِّ متكلم، وكلِّ مبتدع فيما يتعلق بالصفات، فإنهم يضعون أشياء وتكلفات وأموراً لا تدل عليها النصوص، ولم تبن على الأدلة، بزعم منهم أنهم ينزهون الله تبارك وتعالى بها. ورسول الله صلى الله عليه وسلم أغير على ربه عز وجل منهم.
" قل كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " هذا هو منهج أهل السنة في الصفات: أن يقول المسلم مثل ما قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، لا كما يقول المتخرصون،: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} 1.
" قال حنبل: قلت لأبي عبد الله ـ يعني الإمام أحمد ـ: ينزل الله إلى سماء الدنيا، قلت: نزوله بعلمه أو بماذا؟ فقال لي: اسكت عن هذا، مالك ولهذا، أمض الحديث على ما رُوي بلا كيف ولا حد، على ما جاءت به الآثار، وبما جاء به الكتاب "
" نزوله بعلمه أو بماذا؟ " يعني بأيِّ شيء؟
" فقال لي: اسكت عن هذا " لأن هذه الأسئلة لا ترد إلا عند المتكلمين والمتكلفين.