وفيه الرد على باطل هؤلاء المبطلين، وتكلفات المتخرصين في الكلام حول صفات الله تعالى.
فالإمام أحمد مر على هذا القاص وهو يقص بحديث النزول، وعادة كثير منهم التزيد في الكلام، وعدم الاقتصار؛ لأنَّ للقاص مهمة معينة، وهدفاً محدداً، وهو أن يؤثر على الناس. فتراه يزيد في الكلام، ويتوسع في الأخبار، ويضيف إليها إضافات.
ولهذا يقول الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ:"أكذب الناس السؤَّال والقصاص"1، السؤَّال: الذين يسألون الناس حاجتهم ويشكون إليهم فقرهم، فمثل هؤلاء يكثر فيهم الكذب؛ لأنهم يريدون التأثير على من أمامهم. وكذلك الشأن في القصاص، فانظر إلى هذه الزيادات من هذا القاص: " بلا زوال، ولا انتقال، ولا تغير حال " أشياء من عنده أضافها للحديث، وهي ألفاظ مجملة أطلقها المتكلمون وجعلوها متكأً لهم في تعطيل الصفات.
فلما سمع الإمام أحمد هذا الكلام " ارتعد، واصفر لونه، ولزم يدي " أي: أمسك بيده.
وهذا الوصف يكثر في السلف، فتراهم يتأثرون تأثراً بالغاً مثل تأثرنا لأمور الدنيا. نحن في أمور الدنيا يرتعد الواحد منا، ويصفر لونه، وتحمر بشرته. بينما السلف ـ رحمهم الله ـ ما كان يظهر عليهم هذا التأثر في أمور الدنيا، لكن إذا انتهكت حرمات الله، واعتُدِي على صفات الله تبارك وتعالى ظهر عليهم ذلك.