وهذان الحديثان: من أنواع أدلة العلو، فقوله عزوجل: " يعرجون إليه "، و"يرفع إليه " دالان على علو الله سبحانه؛ لأن الرفع والعروج والصعود إنما يكون إلى أعلى.
ونظير هذا قول الله تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} 1، وقوله: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} 2.
" يُرفع إليه عمل الليل قبل النهار، وعمل النهار قبل الليل " عمل الليل قبل النهار أي: في صلاة الفجر. وعمل النهار قبل الليل أي: في صلاة العصر. والله جل وعلا وكَّل بهذه المهمة ملائكة يتعاقبون في الناس، تنزل جماعة وتصعد أخرى، يتعاقبون ويتناوبون، ويأخذ كلُّ واحد العقبى من الآخر في هذه المهمة.
ولا شك أنَّ الإيمان بهذا يحرك في الإنسان حب العمل، والإقبال على الله تبارك وتعالى. ولو تأمل العبد في هذا التعاقب واستحضره ما نام عن صلاة الفجر، بل يقبل على الطاعات ويجتهد فيها حتى ترفع أعماله إلى الله عز وجل وقد كُتب فيها عنه خير، فكيف يليق بمسلم يعلم أن الملائكة يعرجون إلى الله ويخبرونه بحاله ـ وهو أعلم به ولكن اقتضت حكمته ذلك ـ أن ينام عن صلاة الفجر، ثم تصعد الملائكة وتخبر عنه بهذه الحال: تفريط وتضييع لما أمر الله تبارك وتعالى به وأوجبه عليه.
فعلى طالب العلم أن يراعي هذا الجانب عند دراسة العقيدة، وعليه أن يجتهد في أن تحرك قلبه ويعالج بها تقصيره، فإنَّه إذا أحسن تأملها واستحضارها كان لها ـ بإذن الله تعالى ـ أثر عليه وعلى سلوكه وعمله وإقباله على طاعة ربه تبارك وتعالى.