الكلمة الرابعة: " حجابه النار "، وفي بعض ألفاظ الحديث: " حجابه النور "، ولعله تردد من بعض الرواة. قال ابن القيم رحمه الله:" النور الذي احتجب به سمي نوراً وناراً، كما وقع التردد في لفظه في الحديث الصحيح: حديث أبي موسى الأشعري وهو قوله: " حجابه النور أو النار "، فإنَّ هذه النار هي نور، وهي التي كلَّم الله كليمه موسى فيها، وهي نار صافية لها إشراق بلا إحراق. فالأقسام ثلاثة: إشراق بلا إحراق، كنور القمر. وإحراق بلا إشراق، وهي نار جهنم فهي سوداء محرقة لا تضيء. وإشراق بإحراق، وهي هذه النار المضيئة، وكذلك نور الشمس له الإشراق والإحراق، فهذا في الأنوار المشهودة المخلوقة. وحجاب الرب تبارك وتعالى نور وهو نار" 1.
فحجابه النور أو النار كلاهما يؤدي إلى معنى واحد.
" لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه كلَّ شيء أدركه بصره " سبحات جمع سبحة، وهي البهاء والحسن والجمال، أي: جمال وجهه وحسنه وبهاؤه تبارك وتعالى.
فوصف النبي صلى الله عليه وسلم وجه الله عز وجل بأنَّ له سبحات، وأيضاً أضاف إليه البصر فقال: " أدركه بصره "، ومعلوم أنَّ بصر الله تعالى ينتهي إلى رؤية كلِّ المبصرات وجميع المرئيات، فهو تبارك وتعالى يرى كلَّ شيء، ولا يغيب عن بصره شيء، دقيق الأمور وجليلها، صغيرها وكبيرها، يرى تبارك وتعالى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في ظلمة الليل، ويرى جريان الدم في عروقها، ويرى كلَّ جزء من أجزائها.