طلبته وَلِهَذَا كمل هَذَا الدُّعَاء بقوله والفوز بِالْجنَّةِ والنجاة من النَّار وَهَذَا من بَاب التَّعْلِيم مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأمته لِأَن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قد أخبرهُ بِأَنَّهُ فائز بِالْجنَّةِ نَاجٍ من النَّار لَا يضرّهُ ذَنْب لِأَنَّهُ مغْفُور لَهُ وَلَا تقع مِنْهُ مَعْصِيّة لِأَنَّهُ مَعْصُوم ثمَّ جَاءَ بِمَا يَشْمَل أُمُور الدّين وَالدُّنْيَا ويعم أَحْوَال المعاش والمعاد فَقَالَ اللَّهُمَّ لَا تدع لنا ذَنبا إِلَّا غفرته وتنكير ذَنْب للتحقير أَي لَا تدع لنا ذَنبا حَقِيرًا يَسِيرا إِلَّا غفرته فضلا عَن ذَنْب أكبر مِنْهُ ثمَّ قَالَ وَلَا هما إِلَّا فرجته لِأَن اشْتِغَال خاطر العَبْد بالهموم يكسر من نشاطه إِلَى الطَّاعَة ويثني من عزمه على الْخَيْر وَيقبض من عنان جواد سَعْيه إِلَى مراضي الله عز وَجل فَإِذا انفرج همه واندفع كربه تراجع لَهُ نشاطه وقوى عزمه وَجرى جَوَاده وَلما كَانَ الدّين هُوَ أعظم مَا يكون بِهِ الاهتمام والتكاسل عَن كثير من إفعال الْخَيْر قَالَ وَلَا دينا إِلَّا قَضيته وَهُوَ من عطف الْخَاص على الْعَام لمزيد الْعِنَايَة والاحتياج إِلَيْهِ لِأَن اهتمام الدّين هُوَ من جملَة الهموم الدُّنْيَوِيَّة الَّتِي أفادها قَوْله وَلَا هما إِلَّا فرجته وَلما كَانَت أُمُور الدُّنْيَا وحاجاتها مِمَّا لَا بُد للْعَبد مِنْهُ لقوام عيشه واستمرار حَيَاته قَالَ وَلَا حَاجَة من حوائج الدُّنْيَا وَالْآخِرَة هِيَ لَك رضَا إِلَّا قضيتها وَقيد ذَلِك بِكَوْن الْحَاجة هِيَ لله رضَا لِأَن من الْحَوَائِج الدُّنْيَا وَالْآخِرَة هِيَ لَك رضَا إِلَّا قضيتها وَقيد ذَلِك بِكَوْن الْحَاجة هِيَ لله رضَا فَيكون طلبَهَا مَعْصِيّة مُحصنَة فَلَا يستعان بِاللَّه عز وَجل عَلَيْهَا وَهَذِه النكرات الْمَذْكُورَة هُنَا هِيَ نكرات وَاقعَة بعد النَّهْي وَمَا وَقع هَذَا الْموقع مِنْهَا فَهُوَ فِي صِيغ الْعُمُوم كَمَا هُوَ مُقَرر فِي علم الْأُصُول ثمَّ ختم هَذَا الدُّعَاء بقوله يَا أرْحم الرحمين وَفِي هَذَا استحضار العَبْد لرحمة الله عز وَجل فَإِنَّهُ لَا يُجَاب مِنْهُ الدُّعَاء بِدُونِهَا وَهِي مِمَّا يَقْتَضِي أَن يتفضل الله بهَا عَلَيْهِ وَإِذا تفضل عَلَيْهِ بهَا أجَاب دعاءه ولبى نداءه //
(اللَّهُمَّ آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة وقنا عَذَاب النَّار (خَ. م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ أَكثر دُعَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ رَبنَا