خزي الدُّنْيَا وَهُوَ كل مَا فِيهِ ذل وفضيحة ثمَّ قَالَ وَعَذَاب الْآخِرَة وَهُوَ يَشْمَل جَمِيع أَنْوَاع عَذَابهَا كَمَا يفِيدهُ إِضَافَة اسْم الْجِنْس وَمن سلم من خزي الدُّنْيَا وَعَذَاب الْآخِرَة فقد ظفر بِخَير الدَّاريْنِ وَوُقِيَ من شرهما //
(اللَّهُمَّ اقْسمْ لنا من خشيتك مَا تحول بِهِ بَيْننَا وَبَين مَعَاصِيك وَمن طَاعَتك مَا تبلغنَا بِهِ جنتك وَمن الْيَقِين مَا تهون بِهِ علينا مصائب الدُّنْيَا وَمَتعْنَا بإسماعنا وأبصارنا وَقُوَّتِنَا أبدا مَا أَحْيَيْتَنَا واجعله الْوَارِث منا وَاجعَل ثَأْرنَا على من ظلمنَا وَانْصُرْنَا على من عَادَانَا وَلَا تجْعَل مُصِيبَتنَا فِي ديننَا وَلَا تجْعَل الدُّنْيَا أكبر هَمنَا وَلَا مبلغ علمنَا وَلَا تسلط علينا من لَا يَرْحَمنَا (ت. مس)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ مَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقوم من مجْلِس حَتَّى يَدْعُو بِهَذِهِ الدَّعْوَات اللَّهُمَّ اقْسمْ لنا الحَدِيث الخ قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حَدِيث حسن وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح على شَرط البُخَارِيّ وَفِي إِسْنَاده عبد الله بن زحر وَقد ضَعَّفُوهُ بِمَا يَقْتَضِي أَن لَا يكون حَدِيثه صَحِيحا بل غَايَة رُتْبَة هَذَا الحَدِيث أَن يكون حسنا كَمَا قَالَ التِّرْمِذِيّ فقد قَالَ أَبُو زرْعَة أَنه صَدُوق وَقَالَ النَّسَائِيّ لَا بَأْس بِهِ وَأخرجه من حَدِيثه أَيْضا النَّسَائِيّ (قَوْله اقْسمْ) أَي اجْعَل لنا قسما ونصيبا والخشية الْخَوْف المقترن بالتعظيم وَمعنى مَا تحول بِهِ بَيْننَا وَبَين مَعَاصِيك تحجب بَيْننَا وَبَينهَا وتجعلها ممتنعة منا
وَقد اشْتَمَل هَذَا الحَدِيث الْجَلِيل على مطَالب فَيَنْبَغِي لكل عبد أَن يستكثر من طلبَهَا ويكرر سؤالها فَإِنَّهُ أَولا سَأَلَ ربه عز وَجل أَن يرزقه الخشية وَبِذَلِك تصير الطَّاعَات محبوبة إِلَى العَبْد والمعاصي مبغضة لَدَيْهِ ثمَّ سَأَلَهُ أَن يحول بَينه وَبَين الْمعاصِي وَمن رزق الخشية وعصم من الْمعْصِيَة على اخْتِلَاف أَنْوَاعهَا فقد ظفر بِالْخَيرِ كُله دقة وجله ثمَّ سَأَلَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يرزقه من طَاعَته مَا