نَفعهَا إِلَى الْغَيْر بِخِلَاف الذّكر والنفع الْمُتَعَدِّي أفضل من النَّفْع الْقَاصِر
وَأجَاب الْحَلِيمِيّ عَن ذَلِك بِأَنَّهُ لم يكن المُرَاد من هَذَا الذّكر ذكر اللِّسَان وَحده بل المُرَاد ذكر اللِّسَان وَالْقلب جَمِيعًا وَذكر الْقلب أفضل لِأَنَّهُ يردع عَن التَّقْصِير فِي الطَّاعَات وَعَن الْمعاصِي والسيئات وَذكر مثل هَذَا الْجَواب الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان وَأقرهُ وَنقل عَن النَّوَوِيّ أَن ذكر اللِّسَان مَعَ حُضُور الْقلب أفضل من شغل جارحة وَاحِدَة وَكَذَلِكَ شغل ثَلَاث جوارح أفضل من شغل جارحتين وكل مَا زَاد فَهُوَ أفضل وَسَيَأْتِي تَمام الْكَلَام على هَذَا فِي شرح الحَدِيث الَّذِي يَلِيهِ وَسَنذكر إِن شَاءَ الله تَعَالَى مَا يَنْبَغِي الِاعْتِمَاد عَلَيْهِ
(أَلا أخْبركُم بِخَير أَعمالكُم وأزكاها عِنْد مليككم وأرفعها فِي درجاتكم وَخير لكم من إِنْفَاق الذَّهَب وَالْفِضَّة وَخير لكم من أَن تلقوا الْعَدو فتضربوا أَعْنَاقهم ويضربوا أَعْنَاقكُم قَالُوا بلَى يَا رَسُول الله قَالَ ذكر الله) (أ. ت. مس) // الحَدِيث أخرجه أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَأخرجه أَيْضا مَالك فِي الْمُوَطَّأ وَابْن مَاجَه وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان وَابْن شاهين فِي التَّرْغِيب فِي الذّكر كلهم من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء إِلَّا أَن مَالِكًا فِي الْمُوَطَّأ وَقفه عَلَيْهِ وَقد صَححهُ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَغَيره وَأخرجه أَحْمد أَيْضا من حَدِيث معَاذ قَالَ الْمُنْذِرِيّ بِإِسْنَاد جيد إِلَّا أَن فِيهِ انْقِطَاعًا وَقَالَ فِي حَدِيث أبي الدَّرْدَاء أَن أَحْمد أخرجه بِإِسْنَاد حسن وَقَالَ الهيثمي فِي حَدِيث أبي الدَّرْدَاء إِسْنَاده حسن وَقَالَ فِي حَدِيث معَاذ رِجَاله رجال الصَّحِيح إِلَّا أَن زِيَاد بن أبي زِيَاد مولى ابْن عَبَّاس لم يدْرك معَاذًا (قَوْله بِخَير أَعمالكُم) فِيهِ دَلِيل على أَن الذّكر خير الْأَعْمَال على الْعُمُوم كَمَا يدل عَلَيْهِ إِضَافَة الْجمع إِلَى الضَّمِير وَكَذَلِكَ إِضَافَة أزكى وَأَرْفَع إِلَى ضمير