وَمعنى قَوْله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ذكرته فِي مَلأ خير مِنْهُ أَن الله يَجْعَل ثَوَاب ذَلِك الذّكر بمرأى ومسمع من مَلَائكَته أَو يذكرهُ عِنْدهم بِمَا يعظم بِهِ شَأْنه ويرتفع بِهِ مَكَانَهُ وَلَا مَانع من أَن يجمع بَين الْأَمريْنِ
وَفِي قَوْله ذكرته فِي نَفسِي مشاكلة كَمَا فِي قَوْله عز وَجل {تعلم مَا فِي نَفسِي وَلَا أعلم مَا فِي نَفسك} وَقد حقق ذَلِك أهل علم الْبَيَان وَإِنَّمَا يحْتَاج إِلَى هَذَا إِذا أُرِيد بِالنَّفسِ معنى من مَعَانِيهَا لَا يجوز إِطْلَاقه على الرب سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَأما إِذا أُرِيد بهَا الذَّات فَلَا حَاجَة إِلَى القَوْل بالمشاكلة وكما جَاءَت السّنة بفضائل الذّكر وَالتَّرْغِيب إِلَيْهِ وَعظم الْأجر عَلَيْهِ كَذَلِك جَاءَ مثل ذَلِك فِي الْكتاب الْعَزِيز قَالَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {وَلذكر الله أكبر} أَي أكبر مِمَّا سواهُ من الْأَعْمَال الصَّالِحَة وَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {فاذكروني أذكركم} وَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {واذْكُرُوا الله كثيرا لَعَلَّكُمْ تفلحون} وَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {أَلا بِذكر الله تطمئِن الْقُلُوب} {والذاكرين الله كثيرا وَالذَّاكِرَات أعد الله لَهُم مغْفرَة} الخ وَغَيرهَا من الْآيَات
(مَا صَدَقَة أفضل من ذكر الله) (طس) // الحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْأَوْسَط كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا كَذَا فِي الْجَامِع الصَّغِير للسيوطي وَذكره الْمُنْذِرِيّ فِي التَّرْغِيب والترهيب فِي الذّكر معزوا إِلَى الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث أبي مُوسَى وَحسنه وَقَالَ الهيثمي فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس أَن رِجَاله موثوقون وَفِيه دَلِيل على أَن ذكر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا يفضل عَلَيْهِ شَيْء من جَمِيع أَنْوَاع الصَّدَقَة لِأَن قَوْله صدقه نكرَة فِي سِيَاق نفى فتعم كل صَدَقَة وَمُقْتَضَاهُ أَن لَا تُوجد صدقه كائنة مَا كَانَت افضل من ذكر الله فَتكون إِمَّا مُسَاوِيَة لَهُ أَو دونه وَالذكر قد يكون مثلهَا أَو افضل مِنْهَا وَلَا يكون دونهَا //
وَقد أورد بعض أهل الْعلم أشكالا هَاهُنَا فَقَالَ أَن صَدَقَة المَال يتَعَدَّى