الْأَعْمَال والزكا النَّمَاء وَالْبركَة فَأفَاد كل ذَلِك أَن الذّكر أفضل عِنْد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى من جَمِيع الْأَعْمَال الَّتِي يعملها الْعباد وَأَنه أَكْثَرهَا نَمَاء وبركة وأرفعها دَرَجَة وَفِي هَذَا ترغيب عَظِيم فَإِنَّهُ يدْخل تَحت الْأَعْمَال كل عمل يعمله العَبْد كَائِنا مَا كَانَ (قَوْله وَخير لكم من إِنْفَاق الذَّهَب وَالْفِضَّة) وَفِي نُسْخَة من إِنْفَاق الذَّهَب وَالْوَرق وَفِي نُسْخَة الْجمع بَين الْفضة الْوَرق وَالْوَرق هِيَ الدَّرَاهِم المضروبة فعطفه على الْفضة من عطف الْخَاص على الْعَام وَعطف إِنْفَاق الذَّهَب وَالْفِضَّة على مَا تقدم من عُمُوم الْأَعْمَال مَعَ كَونه مندرجا تحتهَا يدل على فَضِيلَة زَائِدَة على سَائِر الْأَعْمَال كَمَا هُوَ النُّكْتَة الْمَذْكُورَة فِي عطف الْخَاص على الْعَام وَهَكَذَا قَوْله (وَخير لكم من أَن تلقوا الْعَدو) وَهَذَا من عطف الْخَاص على الْعَام لكَون الْجِهَاد من الْأَعْمَال الفاضلة وطبقته مُرْتَفعَة على كثير من الْأَعْمَال وَفِي تَخْصِيص هذَيْن العملين الفاضلين بِالذكر أَيْضا بعد تَعْمِيم جَمِيع الْأَعْمَال زِيَادَة تَأْكِيد لما دلّ عَلَيْهِ أَلا أنبئكم بِخَير أَعمالكُم وَمَا بعده من فَضِيلَة الذّكر على كل الْأَعْمَال ومبالغة فِي النداء بفضله عَلَيْهَا وَدفع لما يظنّ من أَن المُرَاد بِالْأَعْمَالِ هَاهُنَا غير مَا هُوَ متناه فِي الْفَضِيلَة وارتفاع الدرجَة وَهُوَ الْجِهَاد وَالصَّدَََقَة بِمَا هُوَ محبب إِلَى قُلُوب الْعباد فَوق كل نوع من أَنْوَاع المَال وَهُوَ الْمَذْهَب وَالْفِضَّة //
وَقد اسْتشْكل بعض أهل الْعلم تَفْضِيل الذّكر على الصَّدَقَة وَقد قدمت فِي شرح الحَدِيث الْمُتَقَدّم على هَذَا طرفا من ذَلِك وَاسْتشْكل بَعضهم تَفْضِيل الذّكر على الْجِهَاد مَعَ وُرُود الْأَدِلَّة الصَّحِيحَة أَنه أفضل الْأَعْمَال وَقد جمع بعض أهل الْعلم بَين مَا ورد من الْأَحَادِيث الْمُشْتَملَة على تَفْضِيل بعض الْأَعْمَال على بعض آخر وَمَا ورد مِنْهَا مِمَّا يدل على تَفْضِيل الْبَعْض الْمفضل عَلَيْهِ بِأَن ذَلِك بِاعْتِبَار الْأَشْخَاص وَالْأَحْوَال فَمن كَانَ مطيقا للْجِهَاد قوي الْأَثر فِيهِ أفضل أَعماله الْجِهَاد وَمن كَانَ كثير المَال فأفضل أَعماله الصَّدَقَة وَمن كَانَ غير متصف بِأحد الصفتين المذكورتين فأفضل أَعماله الذّكر وَالصَّلَاة وَنَحْو ذَلِك وَلكنه