وقال العينى فى عمدة القارى: " فإن قلت إن كذبه في المنام لا يزيد على كذبه في اليقظة فلم زادت عقوبته؟ قلت: " لأن الرؤيا جزء من النبوة، والنبوة لا تكون إلا وحيا، والكاذب في الرؤيا يدعي أن الله أراه ما لم يره، وأعطاه جزءا من النبوة ولم يعطه، والكاذب على الله أعظم فرية ممن كذب على غيره ".

السادسة: هل يؤخذ من الحديث تحريم الرواية بالمعنى؟

اختلف أهل العلم فى الرواية بالمعنى وهذ الحديث مما احتج به القائلين بالمنع، قال ابن حجر: " وقد تمسك بظاهر هذا اللفظ من منع الرواية بالمعنى. وأجاب المجيزون عنه بأن المراد النهي عن الإتيان بلفظ يوجب تغير الحكم مع أن الإتيان باللفظ لا شك في أولويته. والله أعلم."

والراجح جواز المعنى بشروط. قال النووى: " لمن هو كامل المعرفة "

ثم قال النووى: " قال العلماء: ويستحب لمن روى بالمعنى أن يقول بعده أوكما قال أو نحو هذا كما فعلته الصحابة فمن بعدهم والله أعلم.

السابعة: لماذا هذا الوعيد متعلقٌ بالكذب على النبي (- صلى الله عليه وسلم -) دون غيره رغم أن الكذب كله حرام؟

الكذب على النبى - صلى الله عليه وسلم - ليس ككذبٍ على غيره كما فى حديث المغيرة فى الجنائز، حيث أن التقول على النبى (- صلى الله عليه وسلم -) يقتضى الكذب على الله فيدخل فى الدين ما ليس منه أو يخرج منه ما هو فيه، فإن كان الكذب حرامٌ إلا ما استثناه الشرع، فهنا قد ضم ذنباً آخر، ألا وهو: أن الذى يكذب على النبى (- صلى الله عليه وسلم -) جعل نفسه شريكاً لله فى التشريع. وكفى به ذنباً.

وقال إمام الحرمين (?): " وإنما كان هذا الوعيد لعظم مفسدته - أى الكذب على النبىِّ - فانه يصير شرعا مستمرا إلى يوم القيامة بخلاف الكذب على غيره والشهادة فان مفسدتهما قاصرة ليست عامة"

طور بواسطة نورين ميديا © 2015