" فإن قيل: ذلك عامٌ فى كل كذب فى أمر الدين، وغيره أو فى بعض الأمور؟. قيل: قد اختلف السلف فى ذلك، فقال بعضهم: معناه الخصوص، والمراد: من كذب عليه فى الدين، فنسب إليه تحريم حلال، أو تحليل حرام متعمدًا."
وقال النووى (?): "والصواب فى ذلك أن قوله على العموم فى كل من تعمد عليه كذبًا فى دين
أو دنيا، لأنه (- صلى الله عليه وسلم -) كان ينهى عن معانى الكذب كلها إلا ما رخَّص فيه من كذب الرجل لامرأته، وكذلك فى الحرب، والإصلاح بين الناس. ا-هـ
وقال ابن دقيق العيد: " والصوابُ عُمومه فى كل خبَر تُعُمد به الكذب عليه (- صلى الله عليه وسلم -) "
وقال ابن حجر: " هو عام فى كل كاذبٍ، مطلقٌ فى كل نوع من الكذب، ومعناه لا تنسبوا الكذب إلىّ "
الخامسة: هل الكذب المنهى عنه متوقف على حال اليقظة فقط أم يدخل فيه حال المنام؟
قال ابن حجر فى سبب ذكر حديث أبى هريرة بطوله فى الباب رغم أنه مخالفٌ لعمل البخارى فى ذكر محل الشاهد فقط من الحديث وفيه " من رآنى فى المنام فقد رآنى " قال: وإنما ساقه المؤلف بتمامه ولم يختصره كعادته لينبه على أن الكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - يستوي فيه اليقظة والمنام.
وقد ذكر النبىُّ ذلك صراحةً كما عند البخارى من حديث واثلة بن الأسقع عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال (إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْفِرَى أَنْ يَدَّعِيَ الرَّجُلُ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوْ يُرِيَ عَيْنَهُ مَا لَمْ تَرَ أَوْ يَقُولُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ما لم يقل) وفى رواية ابن عمر عند البخارىِّ ايضاً قال - صلى الله عليه وسلم -: " إِنَّ مِنْ أَفْرَى الْفِرَى أَنْ يُرِيَ عَيْنَيْهِ مَا لَمْ تَرَ"
قال ابن حجر: " أي يدعي أن عينيه رأتا في المنام شيئا ما رأتاه، ولأحمد وابن حبان والحاكم من وجه آخر عن واثلة " أن يفتري الرجل على عينيه فيقول رأيت ولم ير في المنام شيئا ".