وأصبح الناس وقد شاع الخبر. فماجوا واجتمع الجند وانتدب الجند الخطير أبا على لخطابهم وقال:
- «قد هرب هذا الرجل بعد أن فرغ الخزائن وأخذ الأموال ومزّق الأعمال وحلّ النظام. والمواد اليوم قاصرة والإضاقة ظاهرة والاستحقاقات كثيرة. فإن قنعتم بما كان فخر الدولة يطلقه لكم [111] قمت به وبذلت الاجتهاد فيه وفى تحصيله وتفرقته عليكم، وإن أردتم غير ذلك فانظروا لنفوسكم واختاروا من يتولّى أموركم.» فلمّا سمعوا من هذا القول ما سمعوا وعرفوا من صحته ما عرفوه قالوا له:
- «قد رضينا بتدبيرك وقنعنا بما بذلته لنا من نفسك ولك علينا السمع والطاعة والانقياد والمساعدة.» فتولّى الأمر وأخذ ما كان فى دار الكافي أبى العباس وكان كثيرا وتتبع أمواله وأموال أصحابه وأقطع أملاكه وإقطاعه وذكره فى الكتب بأحمد بن إبراهيم المخلّ، وعلى المنابر بالطعن والقدح والوقيعة والجرح، بالغ فى كلّ ما اعتمد مساءته به والغضّ منه فيه ومشت الأمور بين يديه.
ووصل أبو العباس الضبّى إلى بروجرد فلم يستقبله بدر بن حسنويه ولا احد من أصحابه لكنه أنفذ اليه بمن يقيم له اقامة فكان يأخذ من ذلك يسيرا وينفق من عنده كثيرا حتى أخذ نحوا من خمسة آلاف درهم سودا. ثم سأل إعفاءه مما يقام له من جهة بدر بن حسنويه فأعفى. ووافاه أصحابه من البلاد لاحقين وانكسر جاهه وانتشر أمره وندم [1] الندم الشديد على فعله.
قال القاضي أبو العباس: وكنت إذ ذاك ببروجرد. فاستشارني أبو الحسن البندارى عنه فى أمره فقلت: