فوجّه الحرشىّ مع السّلار عبد الرّحمن القشيري فى جماعة، ثمّ ندم بعد ما فصلوا، وقال:
- «جاءني علج لا أدرى صدقنى أم كذبني، فغررت بجند من [3] المسلمين.» وارتحل فى أثرهم حتّى نزل بأسروشنة [1] ، فصالحهم على شيء يسير، وسار جادّا مغذّا حتّى لحق القشيرىّ بعد ثالثة، وسار حتّى انتهى إلى خجندة، فاستشار الفضل بن بسّام وقال:
- «ما ترى؟» قال:
- «أرى المعاجلة.» قال:
- «لكنّى لا أرى ذلك، إن جرح رجل فإلى من يرجع، أو قتل قتيل إلى من يحمل؟ ولكنّى أرى النّزول والتّأنّى، والاستعداد للحرب.» فنزل، ورفع الأبنية، وأخذ فى التّأهب، فلم يخرج أحد من الغد، فجبّن النّاس يومئذ الحرشىّ وقالوا:
«كان هذا يذكر رأيه وبأسه بالعراق، فلمّا صار إلى خراسان ماق.» فحمل رجل من العرب، فضرب بعمود باب خجندة حتّى فتح الباب، وقد كانوا حفروا فى ربضهم وراء الباب الخارج خندقا، وغطّوه بقصب وعلّوه بالتّراب مكيدة، وأرادوا، إذا التقوا، إن انهزموا، أن يكونوا قد عرفوا الطّريق، ويشكل على المسلمين، فسقطوا فى الخندق. فلمّا خرجوا قاتلوهم وأخطئوا هم [2] الطّريق، فسقطوا فى الخندق [4] دهشا فأخرجوا من الخندق أربعين