بشرفه. وباقي ماله كان قد أخرجه على تزويج بنات أخيه. وكتب على قبره: هاهنا وضع رجل إلهي فاق الناس كلهم في العلم والعفة والنباهة والأخلاق العادلة. فكل من مدح الحكمة فقد مدحه إذ فيه أكثرها. وكتب في الجانب الآخر من التربة: يا أيتها الأرض وان كنت مخفية جسد أفلاطون لكنّك لا يمكنك الدنوّ من نفسه التي لا تموت.
وتولّى بعده مدرسته سفوسيفوس [1] ابن عمه.
وفي هذا الزمان اشتهر في الطب روفس وتصدر للتعليم وله في ذلك تصانيف. الّا انه كان ضعيف النظر مدخول الادلّة ردّ على اكثر أقواله ارسطوطاليس في كتبه الطبيعيات.
وردّ عليه جالينوس ايضا مثل ذلك وأقاما الحجج الواضحة على غلطه. ولم تكن الصناعة تحققت في زمانه تحققها في زمان هذين الفاضلين.
هو دارا بن دارا. ملك ست سنين. ولما بلغه خروج الإسكندر بن فيليفوس اليوناني المقدونيّ جيّش والتقاه في الشام. فانتصر اليونانيون على الفرس وانهزم داريوش طالبا الثغور. فأدركه الإسكندر عند مدينة إياس التي هي فرضة البحر ببلد قيليقيا وقتله وتزوّج ابنته المسماة روشنك. وبطلت وقتئذ مملكة الفرس باستيلاء الإسكندر على الأرض.
وفي هذا الزمان اشتهر في الفلسفة ارسطوطاليس بن نيقوماخس الطبيب من قرية طاجيرا من اعمال مقدونيا. ونسبه من والديه يرتقي الى اسقليبياذيس. وأخذ الحكمة من أفلاطون وهو ابن سبع عشرة سنة ولازمه عشرين سنة. وكان إذا لم يحضر في الدرس يقول أفلاطون: العقل لم يحضر. كأن الغافلين [2] عن الحق صمّ هم عمّا هم سامعوه.
وصار له منزلة عظيمة عند الملوك. وبرأيه كان يسوس الإسكندر ملكه ويتوجه الى محاربة ملوك الأرض. وتفرّغ ارسطوطاليس لتصنيف الكتب المنطقية والحكمة العلمية والعلمية.
ويسمّى معلما أول لا لأنه اخترع المنطق اختراعا كما ظنّ. لكن لأنه جمع أشتاته ورتبه ترتيبا كما قال حاكيا عن نفسه: انه قد كان لنا في الصنائع المنطقية اصول مأخوذة ممّن سبقنا مستعملة في جزئيات برهانية مثلا في الهندسة جدلية [3] وخطابية في السؤال والجواب.