بكا قد اخربنا البلاد. وأفنينا العباد. وايتمنا الأولاد. وتركنا [1] في الأرض الفساد.
فعليكم بالهرب. وعلينا بالطلب. فما لكم من سيوفنا خلاص. ولا من سهامنا مناص.
فخيولنا سوابق. وسهامنا خوارق. وسيوفنا صواعق [2] . وعقولنا كالجبال. وعددنا كالرمال. فمن طلب منّا الامان سلم.. ومن طلب الحرب ندم. فان أنتم أطعتم أمرنا وقبلتم شرطنا كان لكم ما لنا وعليكم ما علينا. وان أنتم خالفتم أمرنا وفي غيكم تماديتم فلا تلومونا ولوموا أنفسكم. فالله عليكم يا ظالمين فهيئوا للبلايا جلبابا. وللرزايا اترابا.
فقد اعذر من انذر. وأنصف من حذّر. لأنكم أكلتم الحرام وخنتم بالايمان. وأظهرتم البدع واستحسنتم الفسق بالصبيان. فابشروا بالذلّ والهوان. فاليوم تجدون ما كنتم تعلمون. سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ. 26: 227 فقد ثبت عندكم اننا كفرة. وثبت عندنا انكم فجرة. وسلّطنا عليكم من بيده الأمور مقدّرة. والأحكام مدبّرة.
فعزيزكم عندنا ذليل. وغنيكم لدينا فقير. ونحن مالكون الأرض شرقا وغربا. واصحاب الأموال نهبا وسلبا. وأخذنا كل سفينة غصبا. فميزوا بعقولكم طرق الصواب قبل ان تضرم الكفرة نارها. وترمي بشرارها. فلا تبقي منكم باقية. وتبقى الأرض منكم خالية.
فقد ايقظناكم. حين راسلناكم. فسارعوا إلينا بردّ الجواب بتّة. قبل ان يأتيكم العذاب بغتة. وأنتم تعلمون. فطلبه ليحضر عنده. ولما شاور الأمراء لم يمكّنوه من المشي الى هولاكو وبقي متحيرا خائفا مذعورا لم يدر ما يصنع. غير انه استجار [3] الله وسيّر ولده الملك العزيز وصحبته الأموال الكثيرة والهدايا والتحف. وبقي هناك من أوائل الشتاء الى الربيع ثم عاد الى أبيه قائلا: قد قال ملك الأرض: نحن للملك الناصر طلبنا لا لولده فالآن ان كان قلبه صحيحا معنا يجيء إلينا والّا فنحن نمشي اليه. فلما سمع الملك الناصر ذلك بقي مترددا في رأيه لان الأمراء لم يمكّنوه من المشي اليه وهو فقد وقع عنده الخوف والجزع ولم يطمئن على القعود. ثم سيّر هولاكو في طلب سلطان الروم عزّ الدين وأخيه ركن الدين فأطاعاه ومشيا اليه واحسن قبولهما والتقاهما مرحّبا بهما فرحانا وتقدّم إليهما بان عزّ الدين يتملّك على قيسارية الى تخوم ارمينية الكبرى وركن الدين يتملّك من اقسرا والى ساحل البحر حدود الافرنج. ثم انه بعد ذلك توجه الى الشام وتوجّها في خدمته الى قريب الفرات وعادا الى بلادهما مسرورين مغبوطين.