الجميلة واستأمن اليه وداعبه وقدّمه الى ان أصعده اليه على التخت واذن له ان يضع بيده في أذنيه حلقتين كانتا معه فيهما درّتان يتيمتان [1] . واقام في خدمته أياما ثم عاد الى الموصل مسرورا مبرورا بل مذعورا مما شاهد من عظمة هولاكو وهيبته ودهائه.

وفيها توجه الأشرف بن الملك الغازي بن الملك العادل صاحب ميافارقين الى الملك الناصر صاحب حلب يطلب منه نجدة ليمنع المغول من الدخول الى الشام. فاستخف برأيه ولم يسمع مشورته بل سوّفه بكلام وسرّحه من عنده بالأمان. ولما وصل الى ميافارقين مدينته طرد شحاني المغول منها وصلب رجلا قسيسا كان قد وصل اليه من خدمة قاان باليراليغ والبوايز [2] . وبينما هو كذلك أدركته عساكر المغول وأحاطت بمدينته وفي رأس العسكر يشموت [3] بن هولاكو. وفي يوم وليلة بنى المغول حول مدينته سورا وحفروا خندقا عميقا ثم نصبوا عليها المنجنيقات وابتدأوا بالقتال وقاتلوا قتالا شديدا من الجانبين. ولما رأى المغول ان المدينة لم يمكنهم أخذها بالقتال أبطلوا القتال وحاصروها ومنعوا الناس من الدخول إليها والخروج عنها.

وفي سنة سبع وخمسين وستمائة أرسل هولاكو ايلجية الى الملك الناصر صاحب حلب برسالة يقول فيها: يعلم الملك الناصر اننا نزلنا بغداد في سنة ستّ [4] وخمسين وستمائة وفتحناها بسيف الله تعالى وأحضرنا مالكها وسألناه مسئلتين فلم يجب لسؤالنا فلذلك استوجب منّا العذاب كما قال في قرآنكم إِنَّ الله لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ. 13: 11 وصان المال. فآل الدهر به الى ما آل. واستبدل النفوس النفيسة.

ينقوش معدنية خسيسة. وكان ذلك ظاهر قوله تعالى: وَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً. 18: 49 لاننا قد بلغنا بقوة الله الارادة. ونحن بمعونة الله تعالى في الزيادة. ولا شك ان نحن جند الله في ارضه خلقنا وسلّطنا على من حلّ عليه غضبه. فليكن لكم في ما مضى معتبر.

وبما ذكرناه وقلناه مزدجر. فالحصون بين أيدينا لا تمنع. والعساكر للقائنا لا تضرّ ولا تنفع. ودعاؤكم علينا لا يستجاب ولا يسمع. فاتّعظوا بغيركم. وسلّموا إلينا أموركم.

قبل ان ينكشف الغطا. ويحلّ عليكم الخطا. فنحن لا نرحم من شكا. ولا نرقّ لمن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015