وفي هذه السنة توفي السلطان الملك الرحيم بدر الدين ابو الفضائل لؤلؤ صاحب الموصل في عشرين يوما مضت من شهر تموز وتولّى ولده الملك الصالح إسماعيل الموصل وولده علاء الدين سنجار وولده سيف الدين الجزيرة.

وفي سنة ثماني وخمسين وستمائة دخل هولاكو ايلخان الشام ومعه من العساكر اربعمائة ألف ونزل بنفسه على حرّان وتسلمها بالأمان وكذلك الرها ولم يدن لأحد فيهما سوء. واما اهل سروج فإنهم أهملوا امر المغول فقتلوا عن أقصاهم. وتقدم هولاكو فنصب جسرا على الفرات قريبا من مدينة ملطية وآخر عند قلعة الروم وآخر عند قرقيسياء وعبرت العساكر جملتها وقتلوا عند منبج مقتلة عظيمة. ثم تفرّقت العساكر على القلاع والمدن. ونفر قليل من العسكر طلب حلب فخرج إليهم الملك المعظم ابن صلاح الدين الكبير فالتقاهم وانكسر قدّام المغول ودخل المدينة منهزما. وطرف منهم وصل الى المعرّة وخربوها. وتسلّموا حماة بالأمان وحمص ايضا. فلما بلغ ذلك الملك الناصر أخذ أولاده ونساءه وجميع ما يعزّ عليه وتوجه منهزما الى بريّة الكرك والشوبك.

وعند ما وصلت المغول الى دمشق خرج أعيانها إليهم وسلموها لهم بالأمان ولم يلحق بأحد منهم أذى. واما هولاكو فانه بنفسه نزل على حلب وبنى عليها سيبا ونصب المنجنيقات واستضعف في سورها موضعا عند باب العراق واكثر القتال والزحف عليه. وفي ايام قلائل ملكوها ودخلوها يوم الأحد الثالث والعشرين [1] من كانون الثاني من هذه السنة وقتل فيها اكثر من الذي قتل ببغداد. وبعد ذلك أخذوا القلعة في اسرع ما يكون وقتا.

ثم ان هولاكو رحل عنها وأحاط بقلعة الحارم [2] واختار ان يسلموها اليه ويؤمّنهم على أنفسهم فلم يطمئنوا الى قوله وانما طلبوا منه رجلا مسلما يحلف لهم ويكون صاحب شريعة يطمأن اليه حيث يحلف لهم بالطلاق والمصحف ان لا يدنو لأحد منهم سوء وينزلوا ويسلّموا إليهم القلعة. فسألهم هولاكو: من تريدون ان يحلف لكم. قالوا:

فخر الدين الوالي بقلعة حلب فانه رجل صادق مؤمن خيّر. فتقدّم هولاكو اليه فدخل إليهم وحلف لهم على جميع ما يريدون. فحينئذ فتحوا الأبواب ونزل الناس خلائق كثيرة وتسلّم المغول القلعة. ثم ان هولاكو تقدم بقتل فخر الدين الوالي أولا ثم بقتل جميع من كان في القلعة من الصغار والكبار الرجال منهم والنساء حتى الطفل الصغير في المهد. ورحل هولاكو من هناك عائدا الى البلاد الشرقية. ورتّب في الشام أميرا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015