ولما ملك هولاكو بغداد ورتّب بها الشحاني والولاة انفذ بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل اليه ابنه الملك الصالح اسماعيل ومعه جماعة من عسكره نجدة له. فأظهر له هولاكو عبسة وقال: أنتم بعد في شكّ من أمرنا ومطلتم نفوسكم يوما بعد يوم وقدّمتم رجلا واخّرتم اخرى لتنظروا من الظافر بصاحبه فلو انتصر الخليفة وخذلنا لكان مجيئكم اليه لا إلينا. قل لأبيك: لقد عجبنا منك تعجبا كيف ذهب عليك الصواب وعدل بك ذهنك عن سواء السبيل واتخذت اليقين ظنا وقد لاح لك الصبح فلم تستصبح. فلما عاد الصالح الى الموصل وبلّغ أباه ما حمل من الرسالة الزاجرة أيقن بدر الدين ان المنايا قد كثّرت له عن أنيابها وذلّت نفسه وهلع هلعا شديدا وكاد يخسف بدره ويكسف نوره. فانتبه من غفلته واخرج جميع ما في خزائنه من الأموال واللآلي والجواهر والمحرمات من الثياب وصادر ذوي الثروة من رعاياه وأخذ حتى حليّ حظاياه والدرر من حلق أولاده وسار الى طاعة هولاكو بجبال همذان. فأحسن هولاكو قبوله واحترمه لكبر سنّه ورقّ له وجبر قلبه بالمواعيد