الأفضل الخونجي بالاستنقاص وزيّف أقواله في كتاب الكشف فيما يتعلق بعكس النقيض والموضوع الخارجي والحقيقي ومنعه انتاج الصغرى الممكنة في الشكل الاول وانعكاس السالبة الكلية الضرورية كنفسها الى غير ذلك.
ومنهم الحكيم ثاذري الانطاكي اليعقوبي النحلة احكم اللغة السريانية واللاطينية بأنطاكية وشدا بها شيئا من علوم الأوائل. ثم هاجر الى الموصل وقرأ على كمال الدين ابن يونس مصنفات الفارابي وابن سينا وحلّ اوقليذس والمجسطي. ثم عاد الى انطاكية ولم يطل المكث بها لما رأى في نفسه من التقصير في التحصيل فعاد مرة ثانية الى ابن يونس وانضج ما استنهأ من علمه وانحدر الى بغداد واتقن علم الطب وقيّد أوابده وتصيّد شوارده وقصد السلطان علاء الدين ليخدمه فاستغربه [1] ولم يقبل عليه فرحل الى الأرمن وخدم قسطنطين أبا الملك حاتم ولم يستطب عشرتهم فسار مع رسول كان هناك للامبرور ملك الفرنج [2] فنال منه إفضالا ووجد له به نوالا واقطعه بمدينة كما هي باعمالها. فلما صلح حاله وكثر ماله اشتاق الى بلده واهله ولم يؤذن له بالتوجه فأقام الى ان أمكنته الفرصة بخروج الملك في بعض غزواته الى بلاد المغرب فضمّ أطرافه وجمع أمواله وركب سفينة كان قد اعدّها لهربه وسار في البحر مع من معه من خدمه يطلبون برّ عكا. فبينما هم سائرون. ذهبت عليهم ريح رمت بهم الى مدينة كان الملك قد ارسى بها فلما أخبر ثاذري بذلك تناول شيئا من سمّ كان معه ومات خجلا لا وجلا لان الملك لم يكن يسمح بإهلاك مثله.
ومن الأطباء المشاهير في هذا الزمان الحكيم مسعود البغدادي المعروف بابن القسّ طبيب حاذق نبيل خدم الخليفة المستعصم واختصّ به وطبّ حرمه وأولاده وخواصه وارتفعت منزلته لديه. ولما جرى ببغداد ما جرى انقطع عن الناس ولزم منزله الى ان مات. وخلف ولده غرس النعمة أبا نصر [3] وكان ابو نصر فاضلا عاقلا ذا فنون خبيرا بأصول الهندسة فاكّا مشكلاتها وكان ضئيلا مسقاما لا يقطع استعمال ماء الشعير صيفا وشتاء وكان غذاؤه دوائيا نزرا ومات كهلا.
ومنهم الحكيم عيسى البغدادي المعروف بابن القسيس الحظيري [4] كان أبوه طبيبا