خصيّ. وبقي النهب يعمل الى سبعة ايام ثم رفعوا السيف وبطلوا السبي. وفي رابع عشر صفر رحل هولاكو من بغداد وفي أول مرحلة قتل الخليفة المستعصم [1] وابنه الأوسط مع ستة نفر من الخصيان بالليل وقتل ابنه الكبير ومعه جماعة من الخواص على باب كلواذ وفوّض عمارة بغداد الى صاحب الديوان والوزير وابن درنوش. وأرسل بوقا تيمور الى الحلّة ليمتحن أهلها هل هم على الطاعة ام لا. فتوجّه نحوها ورحل عنها الى مدينة واسط وقتل بها خلقا كثيرا أسبوعا. ثم عاد الى هولاكو وهو بمقام سياكوه [2] .
وكان من الفضلاء المعتبرين في هذه السنين القاضي الأكرم جمال الدين بن القفطي مصنف كتاب تاريخ الحكماء مولده بقفط من اعمال صعيد مصر سنة ثماني وستين وخمسمائة رحل به أبوه طفلا واسكنه القاهرة المعزّية وبها قرأ وكتب وشدا شيئا من الأدب.
ثم خرج الى الشام فأقام بحلب وصحب بها الأمير المعروف بالميمون القصري. واجتمع في هذه المدة بجماعة من العلماء واستفاد بمحاضرتهم وفقه بمناظرتهم. ثم لازم منزله بعد وفاة الأمير المذكور الى ان ألزم بالخدمة في امور الديوان في ايام الملك الظاهر فتولّى ذلك وهو كاره للولاية متبرّم بها. فلما مات الملك الظاهر عاد فانقطع في منزله مستريحا من معاناة الديوان مجتمع الخاطر على شأنه من المطالعة والفكرة منقبضا عن الناس محبا للتفرد والخلوة لا يكاد يظهر لمخلوق حتى قلّده الملك العزيز وزارته سنة ثلث وثلاثين وستمائة. فلم يزل في هذا المنصب مدة ايام الملك العزيز والملك الناصر ابنه حتى توفي ثالث عشر رمضان سنة ست وأربعين وستمائة.
ومن حكماء هذا الزمان نجم الدين النخجواني كان ذا يد قويّة في الفضائل وعارضة عريضة في علوم الأوائل تفلسف ببلاده وسار في الآفاق وطوّف ودخل الروم وولي المناصب الكبار ثم كره كدر الولاية ونصبها فارتحل الى الشام واقام بحلب منقطعا في دار اتخذها لسكناه لا يمشي الى مخلوق ولكن يمشى اليه الى ان مات بها. وكان شديد الميل الى مذهب التناسخ وله مؤاخذات على منطق الإشارات وشرحها ايضا وتناول [3]