داخل السيبا [1] ونصبوا المنجنيقات بازاء سور بغداد من جميع الجوانب ورتبوا العرّادات وآلات النفط. وكان بدء القتال ثاني وعشرين محرّم. فلما عاين الخليفة العجز في نفسه والخذلان من أصحابه أرسل صاحب ديوانه وابن درنوش [2] الى خدمة هولاكو ومعهم تحف نزرة. قالوا: ان سيّرنا الكثير يقول: قد هلعوا وجزعوا كثيرا. فقال هولاكو:

لم ما جاء الدويدار وسليمانشاه. فسيّر الخليفة الوزير العلقمي وقال: أنت طلبت احد الثلاثة وها انا قد سيّرت إليك الوزير وهو أكبرهم. فأجاب هولاكو: انني لما كنت مقيما بنواحي همذان طلبت احد الثلاثة والآن لم اقنع بواحد. وجدّ المغول بالقتال بازاء برج المعجمي وبوقا تيمور من الجانب الغربي حيث المبقلة وسونجاق نوين وبايجو نوين من جانب البيمارستان العضدي. وامر هولاكو البتيكتجية ليكتبوا على السهام بالعربية:

ان الاركاونية [3] والعلويين والداذنشمدية [4] وبالجملة كل من ليس يقاتل فهو آمن على نفسه وحريمه وأمواله. وكانوا يرمونها الى المدينة. واشتدّ القتال على بغداد من جميع الجوانب الى اليوم السادس والعشرين من محرم. ثم ملك المغول الأسوار وكان الابتداء من برج العجمي. واحتفظ المغول الشط ليلا ونهارا مستيقظين لئلا ينحدر فيه احد.

وامر هولاكو ان يخرج اليه الدويدار وسليمانشاه واما الخليفة ان اختار الخروج فليخرج والّا فليلزم مكانه. فخرج الدويدار وسليمانشاه ومعهما جماعة من الأكابر. ثم عاد الدويدار من الطريق بحجة انه يرجع ويمنع المقاتلين الكامنين بالدروب والازقّة لئلا يقتلوا أحدا من المغول فرجع وخرج من الغد وقتل. وعامة اهل بغداد أرسلوا شرف الدين المراغي وشهاب الدين الزنكاني ليأخذ لهم الامان. ولما رأى الخليفة ان لا بد من الخروج أراد او لم يرد استأذن هولاكو بأن يحضر بين يديه فأذن له وخرج رابع صفر ومعه أولاده واهله. فتقدم هولاكو ان ينزلوه بباب كلواذ [5] وشرع العساكر في نهب بغداد ودخل بنفسه الى بغداد ليشاهد دار الخليفة وتقدّم بإحضار الخليفة فاحضروه ومثل بين يديه وقدم جواهر نفيسة ولآلئ ودررا معبّاة في أطباق ففرّق هولاكو جميعها على الأمراء وعند المساء خرج الى منزله وامر الخليفة ان يفرز جميع النساء التي باشرهن هو وبنوه ويعزلهنّ عن غيرهنّ ففعل فكنّ سبعمائة امرأة فاخرجهن ومعهنّ ثلاثمائة خادم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015