ولخواصّه. وعند ما أخذوا في تجهيز ما يسيّرونه من الجواهر والمرصعات والثياب والذهب والفضة والمماليك والجواري والخيل والبغال والجمال قال الدويدار الصغير وأصحابه: ان الوزير انما يدبّر شأن نفسه مع التاتار وهو يروم تسليمنا إليهم فلا نمكنه من ذلك.

فبطل الخليفة بهذا السبب تنفيذ الهدايا الكثيرة واقتصر على شيء نزر لا قدر له.

فغضب هولاكو وقال: لا بدّ من مجيئه هو بنفسه او يسيّر احد ثلثة نفر اما الوزير واما الدويدار واما سليمانشاه. فتقدم الخليفة إليهم بالمضيّ فلم يركنوا الى قوله فسيّر غيرهم مثل ابن الجوزي وابن محيي الدين فلم يجديا عنه. وأمر هولاكو بايجو نوين وسونجاق نوين ليتوجّها في مقدمته على طريق اربل وتوجه هو على طريق حلوان.

وخرج الدويدار من بغداد ونزل بجانب يا عقوبا [1] . ولما بلغه ان بايجو نوين عبر دجلة ونزل بالجانب الغربي ظن ان هولاكو قد نزل هناك فرحل عن يا عقوبا ونزل بحيال بايجو ولقي يزك [2] المغول أميرا من أمراء الخليفة يقال له ايبك الحلبي فحملوه الى هولاكو فأمّنه ان تكلّم بالصحيح وطيّب قلبه فصار يسير امام العسكر ويهديهم.

وكتب كتابا الى بعض أصحابه يقول لهم: ارحموا أرواحكم واطلبوا الامان لان لا طاقة لكم بهذه الجيوش الكثيفة. فأجابوه بكتاب يقولون فيه: من يكون هولاكو وما قدرته ببيت عباس من الله ملكهم ولا يفلح من يعاندهم ولو أراد هولاكو الصلح لما داس ارض الخليفة ولما أفسد فيها. والآن ان كان يختار المصالحة فليعد الى همذان ونحن نتوسل بالدويدار ليخضع لأمير المؤمنين متخشعا في هذا الأمر لعلّه يعفو عن هفوة هولاكو. فلما عرض ايبك الكتاب على هولاكو ضحك واستدلّ به على غباوتهم.

ثم سمع الدويدار ان التاتار قد توجهوا نحو الأنبار. فسار إليهم ولقي عسكر سونجاق نوين وكسرهم وهزمهم وفي هزيمتهم التقاهم بايجو نوين فردّهم وهجموا جميعا على عسكر الدويدار فاقتتلوا قتالا شديدا وانجلت الحرب عن كسرة الدويدار فقتل اكثر عسكره ونجا هو في نفر قليل من أصحابه ودخل بغداد.

وفي منتصف شهر المحرّم من سنة ست وخمسين وستمائة نزل هولاكو بنفسه على باب بغداد وفي يوم وليلة بنى المغول بالجانب الشرقي سيبا اعني سوريا عاليا وبنى بوقا تيمور وسونجاق نوين وبايجو نوين بالجانب الغربي كذلك وحفروا خندقا عميقا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015