الدولة التاسعة المنتقلة من ملوك اليونانييّن المتنصّرين إلى ملوك العرب المسلمين

قال القاضي صاعد بن احمد الاندلسي صاحب قضاء مدينة طليطلة: ان العرب فرقتان فرقة بائدة وفرقة باقية. اما الفرقة البائدة فكانت امما ضخمة كعاد وثمود وطسم وجديس. ولتقادم انقراضهم ذهبت عنّا حقيقة اخبارهم وانقطعت عنّا اسباب العلم بآثارهم. واما الفرقة الباقية فهي متفرّعة من جذمين [1] قحطان وعدنان. ويضمّهما حالان حال الجاهلية وحال الإسلام. فأما حال العرب في الجاهلية فحال مشهور عند الأمم من العزّ والمنعة وكان ملكهم في قبائل قحطان وكان بيت الملك الأعظم في بني حمير وكان منهم الملوك السادة الجبابرة التبابعة. واما سائر عرب الجاهلية بعد الملوك فكانوا طبقتين أهل مدر [2] وأهل وبر. فامّا اهل المدر فهم الحواضر وسكّان القرى. وكانوا يحاولون المعيشة من الزرع والنخل والماشية والضرب في الأرض للتجارة. واما اهل الوبر فهم قطّان الصحارى. وكانوا يعيشون من ألبان الإبل ولحومها منتجعين بمنابت [3] الكلإ مرتادين لمواقع القطر فيخيمون هنالك ما ساعدهم الخصب وأمكنهم الرعي ثم يتوجهون لطلب العشب وابتغاء المياه فلا يزالون في حلّ وترحال كما قال بعضهم عن ناقته:

تقول إذا درأت لها وضيني ... أهذا دينه ابدا وديني

أكلّ الدهر حلّ وارتحال ... أما يبقي عليّ ولا يقيني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015