بِالْقَلْبِ والقالب فجلا فِي ميدانه وَملك مقبض عنانه وَله الْبَدْر الساري فِي أصُول الدّين وَشَرحه وَاسِطَة الدراري وَقد سلك مَسْلَك الْحجَّة مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم فِي الإيثار والعواصم وَالرَّوْض الباسم إِلَّا أَنه لم يُصَرح بمذهبه وَقد أفْصح عَن بعض مطلبه فَإِنَّهُ قوى مَا يعْتَمد إِلَيْهِ فِي الْبَاطِن وَترك مَكَان مَا لَا يُريدهُ من التفتيح والتنقيح من بَاب المساكن وَهِي صناعَة تدل على غور حصيف وذهن شرِيف وملاحظة لأحوال الزَّمَان ومداراة حَسَنَة للأخوان وَله شرح تَكْمِلَة الْأَحْكَام للْإِمَام الْمهْدي عَلَيْهِ السَّلَام وَله مَنْهَج الْإِنْصَاف فِي النَّهْي عَن سبّ الصَّحَابَة وَله غير ذَلِك من الأنظار الَّتِي عجز عَنْهَا النظار بِعِبَارَة قَصِيرَة وفوائد غزيرة وَكَانَ يُفْتِي بِمَا لَا يلائم خاطر الباشا فِي بعض الْأَحْوَال وينتظم لَهُ مَا أَرَادَ وَلَا يتَغَيَّر لَهُ حَال

اتّفق فِي مُدَّة جَعْفَر باشا أَنه أفتى بِيَوْم الْفطر فَأفْطر من أفطر بفتواه فَطَلَبه الباشا وعاتبه فِي ذَلِك وَقَالَ لَهُ كَانَ عَلَيْك أَن تشعر الأفندي فَقَالَ السَّيِّد قد أشعرناه فَطلب الأفندي إِلَى حَضْرَة الباشا وَسُئِلَ فِي ذَلِك فَقَالَ كلَاما مَعْنَاهُ أفتى السَّيِّد بِشَاهِدين مَا يكمل بهما الحكم على مَذْهَب أبي حنيفَة لأَنهم لَا يعْملُونَ إِلَّا بِأَرْبَعِينَ شَاهدا حَيْثُ الْأُفق لَا عِلّة فِيهِ من سَحَاب وَلَا غَيره فَتغير خاطر الباشا وَقَالَ للسَّيِّد ليكن حَبسك بَيْتك فانفصل عَن حَضرته وَبَقِي ببيته أَيَّامًا ثمَّ أَن الباشا استدرك هَذِه الهفوة فاستطاب خاطر السَّيِّد وَنَوع لَهُ الْإِحْسَان وَقد كَانَ ينْسب إِلَى جَعْفَر باشا الْميل إِلَى جَانب الْعلمَاء بِسَبَب أَنه كَانَ لَهُ حِصَّة وافرة فِيهِ سِيمَا علم الْمَعْقُول

وَدخلت سنة إِحْدَى وَخمسين وَألف فِيهَا جهز السُّلْطَان إِبْرَاهِيم بن أَحْمد خَان على مالطة من بِلَاد الفرنج بأطراف جَزِيرَة الأندلس مِمَّا يَلِي الْحَرْب فَمَا زَالَت سراياه تناوش تِلْكَ الديار بحروب تذهل عِنْدهَا الْقُلُوب واستفتح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015