وَفِي نصف هَذَا الشَّهْر طلع حسن بن المتَوَكل من بيش إِلَى درب ملوح فقصد فِيمَن إِلَيْهِ تِلْكَ الْقَبِيلَة الْخَارِجَة عَن الطَّاعَة وَكَانُوا قد لجأوا إِلَى جبل لَهُم جمعُوا أمتعتهم إِلَيْهِ واتكلوا فِي حفظ أَرْوَاحهم وَأَمْوَالهمْ عَلَيْهِ فتسنم الْجند عَلَيْهِم الْجبَال وألوا بهم من حَيْثُ لَا يخْطر لَهُم ببال وَلما قاربوا حصنهمْ التحم الْقِتَال ودعيت نزال وَكَانَ يَوْمًا مشهودا حزت فِيهِ هامات الْمُخَالفين والذاهب مِنْهُم بِالْقَتْلِ نَحْو السِّتين ثمَّ أَن باقيهم انهزم وَترك ذَلِك المعقل الأطم وَالذَّهَب من عَسْكَر الدولة ثَلَاثَة أَنْفَار ثمَّ عَاد النَّاس إِلَى بيش وَوصل بعض مَشَايِخ بِلَاد فيفا بخاطب أَصْحَابه بالوصول ويفصح من جهتهم بالإمتثال والمثول وَكَانَ مِمَّن سبق مِنْهُ بعض اعوجاج فبادر قبل ظُهُور دائه بالعلاج لعلمه أَن الدولة غير مغفلة لقضيته وَأَن
(من حلقت لحية جَار لَهُ ... فليسكب المَاء على لحيته)
وَفِي رَجَب توفّي السَّيِّد الْكَرِيم عماد الْإِسْلَام يحيى بن مُحَمَّد بن الْحسن بِصَنْعَاء وَأخرج إِلَى الرَّوْضَة بِأَمْر عَمه صفي الْإِسْلَام
فَدفن إِلَى جنب قبر أَبِيه وَكَانَ مَوته رَاحَة لمثله عَن تَعب الْأَحْوَال وخلوصا عَن قيد الإعتلال فَإِنَّهُ كَانَ قد احتجب أَكثر أوقاته لتقاصر الْموَاد مَعَ مَا قد أَلفه من الأمداد وإفاضة جزيل النوال على من تعرض لَهُ بالسؤال حَتَّى ذكر عَنهُ فِي هَذَا الْبَاب مَا يحير الْأَلْبَاب وَحين مَاتَ افْتقدَ مخلفه فَلم يُوجد فِيهِ غير آلَة الْملك من أَنْوَاع السِّلَاح الْمعدة لساعات الكفاح وَشَيْء من الْحلِيّ لَا يؤبه لَهُ بِالنّظرِ إِلَى سَعَة مملكة أَبِيه
وَفِي شعْبَان توفّي السَّيِّد البليغ أَحْمد بن مُحَمَّد الآنسي وَله ديوَان شعر فِيهِ الْجيد والمتوسط وتميز بالحدة الْخَارِجَة عَن الْحَد وَله تشيع باحتراق لم يكن عَن عدَّة فِي طَرِيقه فَإِن الرجل كَانَ عازفا عَن المعارف وَلكنه صحب جمَاعَة من أهل عصره دَان بدينهم وَعلة هَذِه المسئلة قديمَة
وَقد ورث تِلْكَ الحدة وَلَده