اللَّيْل بِمحل كَذَا وَكَذَا وسينبهك على ذَلِك من مأنره بالتنبيه فَلَمَّا أقبل اللَّيْل أرصد القَاضِي فَخر الدّين بَاب بَيت السودي وَمَعَهُ أَتْبَاعه كَذَلِك فَلم يشعروا إِلَّا بِخُرُوج السودي من الْبَاب على هَيْئَة مُنكرَة وَلم يزل يتلفت حذرا من أَن يطلع على تدليسه ثمَّ إلتقاه جمَاعَة وبعدوا عَنهُ وَلما بعد عَن بَيته ظَهرت مِنْهُ تِلْكَ الْأَصْوَات وأشعر القَاضِي بِالْمَسِيرِ إِلَيْهِ فَسَار إِلَيْهِ وَوصل بِالْقربِ مِنْهُ وَلم يصافحه بل كَانَ بَينهمَا مَسَافَة فَمَا زَالَ يؤنسه ويسأله عَن وَالِده ويبحث عَن اشياء ذكرت النَّهَار بِحَضْرَة السودي قَالَ القَاضِي فَغير صَوته بِأَن رَفعه وَإِلَّا فالصوت الصَّوْت وَالرجل الرجل والعبارة الْعبارَة فاستأذنته وَقد فرغت من تَحْقِيق حَاله

وَقد أفْضى تَدْلِيس هَذَا الْمَذْكُور إِلَى الملحمة الَّتِي طحنت الجماجم وأنست بالعظائم فَإِن السَّيِّد إِبْرَاهِيم المحدوري فِي رَجَب فِي سنة إِحْدَى عشرَة وَمِائَة وَألف ثار من جبل مدوم وَادّعى أَن عبد الله هُوَ الْمهْدي المنتظر وَإنَّهُ نَائِب الْمهْدي ثمَّ استغلوا أهل الشّرف وطافت عساكره الْبِلَاد بِالسَّيْفِ إِلَى أَن وصلوا ثلاء فانعكس حَالهم وأصدق فيهم أهل ثلاء الطعْن وَالضَّرْب ووصلوا ببقيتهم إِلَى سمسرة وهب وهم نَحْو الثَّمَانِينَ وَلما وصلت إِلَى صنعاء أجناد الإِمَام متوجهة على ذَلِك الْفَاجِر الْحقيق بقول الشَّاعِر

(شرِيف أَصله أصل حميد ... وَلَكِن فعله غير الحميد)

(كَأَن الله لم يخلقه إِلَّا ... لتنعطف الْقُلُوب على يزِيد)

فتكوا بهم صبرا عَن آخِرهم وتوجهوا لبلاده وَقد استغوا أهل الْجِهَات الغربية وَأكْثر أهل الْبِلَاد الظَّاهِرَة والظليمية حَتَّى إنبهر مِنْهُ الشريف صَاحب مَكَّة ذكر لي ذَلِك عَنهُ من لقِيه فِي حجَّة تِلْكَ السّنة واتفقت ملاحم ذهب فِيهَا من الْجَانِبَيْنِ تَحت السَّيْف نَحْو خَمْسَة آلَاف نفر وَآل أمره إِلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015