الْمهْدي كَمَا يظْهر لمن رَاجع الْآثَار النَّبَوِيَّة والملاحم المروية مَعَ أَن ظُهُور الْمهْدي من مَكَّة كَمَا جَاءَ فِي الْأَخْبَار وَآل أمره إِلَى أَن عمر هُنَاكَ قصرا وَجعل حوليه أَمَاكِن الْخَيل وَله أَصْحَاب قد أفسد أَحْوَالهم وزين لَهُم الشَّيْطَان أَعْمَالهم وَحَقِيقَة أمره أَنه رجل من بني سود لَهُم اصل فِي الرِّئَاسَة والتظهر بِمَا فِيهِ غرابة من الْأُمُور فيلبث نَهَاره بِالْبَيْتِ الَّذِي عمره ويوهم القصاد أَنه نَائِب عبد الله فَإِذا أرْخى اللَّيْل سدوله لبس هَيْئَة الصُّوفِيَّة من القبع والمسبحة وَنَحْو ذَلِك وَقد يلبس الملابس الفاخرة ثمَّ يخرج إِلَى الْخَلَاء وشواهق الْجبَال وَتظهر مِنْهُ أصوات تقع فِي خاطر من يسْمعهَا وَأَصْحَابه عِنْد هَذَا الشّغل يرصدون من مَكَان قريب ليحفظوه ويقوموا بخدمته فَمن رام أَن يَأْخُذ مِنْهُ وَقْفَة يُشَاهِدهُ فِيهَا فَلَا سَبِيل إِلَى ذَلِك إِنَّمَا يكون بَينه وَبَينه قيد رمح أَو أَكثر إِمَّا فِي ليل دامس أَو مَعَ التستر الشَّديد فِي ليَالِي الْقَمَر فيخاطبه بِأَلْفَاظ عامية تقضي بِأَنَّهُ من أحاد الْعَوام الَّذين يستفزون طيش ضعفة الْعُقُول وَمَا زَالَ على هَذَا الْحَال حَتَّى تأثل حَاله وَجمع النذور من كل أَوب وشحن بهَا بَيته وَأَخْبرنِي صاحبنا القَاضِي الْعَلامَة فَخر الدّين عبد الْقَادِر بن أَحْمد بن عبد الْمُؤمن النزيلي حماه الله إِنَّه نحى إِلَى وَالِده أَن عبد الله الْمشَار إِلَيْهِ هُوَ السودي بِعَيْنِه فَأرْسلهُ إِلَى هُنَاكَ ليَأْخُذ حقائق الْأَحْوَال وَهَذَا القَاضِي عبد الْقَادِر بِمحل من الذكاء لَا يجوز مَعَه التراهات وَلَا تتفق عِنْده الخرافات فعزم وَمَعَهُ من يَخْدمه إِلَى هُنَاكَ فَعِنْدَ أَن وصل طلب موقفا من السودي فأسعده إِلَى ذَلِك فأتقن كَلَامه وَكَيْفِيَّة عِبَارَته ونغمات صَوته وإنفصل عَنهُ إِلَى مَكَانَهُ الَّذِي صرفه إِلَيْهِ وَكَانَ قد ذكر لَهُ أَن يَأْخُذ لَهُ رَأيا من عبد الله فِي الإتفاق فَقَالَ لَا يتهيأ لَك الإتفاق بمولانا عبد الله إِلَّا فيب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015