وَفِي شهر ذِي الْقعدَة الْحَرَام من هَذَا الْعَام وفدت الْأَخْبَار إِلَى الْحرم الشريف واتصلت بِالْيمن أَن السُّلْطَان صَاحب الْأَبْوَاب قد وَجه إِلَى الْحرم خَارِجَة بِأَسْبَاب مِنْهَا مَا نمي إِلَيْهِ من الشريف من عدم الْوَفَاء سِيمَا مَعَ إهمال الْعين الزَّرْقَاء ونهرها الأصفي وَمَا نسب إِلَيْهِ فِي تِلْكَ الْأَيَّام من قتل مصطفى وَهَذِه الْخَارِجَة بِخمْس بواش من أُمَرَاء بني عُثْمَان وكل باشا بخيل سوابق وألوية بواسق وسناجق خوافق وأغوات وبكلر لبكيه وأعيان فانبهر لَهَا الشريف زيد وَأظْهر مواد الْقُوَّة وَأَسْبَاب الأيد وَقطع أَنه أول مرمي بِتِلْكَ الصَّوَاعِق وأقدام معني بِتِلْكَ الفيالق وتوقع سَائِر الْبلدَانِ اليمنية زائلة هَذِه الْخَارِجَة العثمانية فَلَمَّا توسطت تِلْكَ الأجناد يَنْبع وَمَا والاها من الْبِلَاد أخذت أَكْثَرهم الرمضاء بجمرها اللفاح وَانْقطع عَنْهُم لذيذ المَاء القراح فتفتت أكبادهم بالأوام وتخرمتهم مصَارِع الْأَيَّام وَوصل الْبَعْض مِنْهُم إِلَى مَكَّة وَقد فل حَدهمْ وَقل جهدهمْ وَرَأَوا الشريف فِي أبهة رائعة وَقُوَّة مَانِعَة فَمَا زادوا على عتابه بِسَبَب إهمال الْعين الزَّرْقَاء وَقد اعتذر إِلَيْهِم بِأَن عَملهَا يَوْم الإهمال كَانَ موجها إِلَى سواهُ وَأَن إهمالها كَذَلِك مِمَّا لَا يهواها فحلموا عَنهُ بعد ذَلِك الْكَلَام وَلَكِن
(كل حلم أَتَى بِغَيْر اقتدار ... حجَّة لاجىء إِلَيْهَا اللئام)